في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

مدبرات ما يوكل من الأمور إليها . .

/خ5

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

المفردات :

فالمدبرات أمرا : الملائكة تنزل بالتدبير المأمور به ، وجواب القسم محذوف دلّ عليه ما بعده ، وتقديره : لتبعثن .

التفسير :

5- فالمدبّرات أمرا .

الملائكة تدبّر أمر الكون من السماء إلى الأرض بأمره تعالى ، من الرياح والأمطار والأرزاق والأعمار ، وغير ذلك من شئون الدنيا .

وتنكير ، أمرا . للتفخيم والتهويل .

وفي الحديث الشريف : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم أربعين يوما علقة ، ثم أربعين يوما مضغة ، ثم يأمر الله الملك ، فيقول : يا رب ، وما أكتب ؟ فيقول : اكتب أجله وعمره ورزقه ، وشقي أو سعيد )iv .

وقيل : إن تدبير أمر الدنيا إلى أربعة من الملائكة : جبريل ، وميكائيل ، وعزرائيل ، وإسرافيل .

فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود ، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنبت ، وأما عزرائيل فموكل بقبض الأنفس ، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم .

وقال الحسن البصري :

المراد بالآيات الخمس : النجوم والكواكب في جريها وتنقلها بين الأبراج ، وسيرها في أفلاكها هادئة أو مسرعة ، أو مدبّرة أمرا بأمر الله تعالى ، كاختلاف الفصول وتقدير الأزمنة ، وظهور مواقيت العبادات والمعاملات .

( فالقمر له أثر في حساب الشهور ، وله من الأثر في السحاب والمطر ، وفي البحر من المدّ والجزر ، وللشمس دورة سنوية ، نعرف بها حساب السنين من جهة ، وفصول السنة من جهة أخرى ، وللفصول الأربعة أثرها في أسباب حياة النبات والحيوان ، ونسبة التدبير إليها لأنها أسباب ما نستفيد منها ، والمدبّر الحكيم هو الله جل شأنه )v .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

{ فالمدبرات أمرا } صفة للسابحات . و " أمرا " مفعول به . ونسبة التدبير إلى الملائكة مجاز ؛ فإن كل المحدثات بقضاء الله وتقديره وتدبيره . وللمفسرين أقوال أخرى في تفسير هذه الأقسام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

{ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا } الملائكة ، الذين وكلهم الله أن يدبروا كثيرا من أمور العالم{[1349]}  العلوي والسفلي ، من الأمطار ، والنبات ، والأشجار ، والرياح ، والبحار ، والأجنة ، والحيوانات ، والجنة ، والنار [ وغير ذلك ] .


[1349]:- في ب: الذين جعلهم الله يدبرون كثيرا من أمور العالم.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

فالملائكة المدبرة ما أُمِرَت به من أمر الله...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

"فالمدبرات أمرا" قالوا جميعا: المراد منها الملائكة الموكلون بأمور الخلق وأرزاقهم ونحو ذلك، والله أعلم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

...لا أحفظ خلافاً أنها الملائكة ومعناه أنها تدبر الأمور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فالمدبرات} أي الناظرات في أدبار الأمور وعواقبها لإتقان ما أمروا به في الأرواح وغيرها {أمراً} أي عظيماً... والجواب محذوف إشارة إلى أنه من ظهور العلم به -بدلالة ما قبله وما بعده عليه- في حد لا مزيد عليه، فهو بحيث لا يحتاج إلى ذكره فحذفه كإثباته بالبرهان فتقديره: لتذهبن بالدنيا التي أنتم بها مغترون لنزعنا لها من محالها وتقطيع أوصالها، فإن كل ما تقدم من أعمال ملائكتنا هو من مقدمات ذلك...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {المدبرات}: الموصوفةُ بالتدبير. والتدبير: جَوَلان الفكر في عواقب الأشياء وبإجراء الأعمال على ما يليق بما توجد له فإن كانت السابحات جماعات الملائكة، فمعنى تدبيرها تنفيذ ما نيط بعهدتها على أكمل ما أذنت به فعبر عن ذلك بالتدبير للأمور لأنه يشبه فعل المدبر المتثبت. وإن كانت السابحات خيلَ الغزاة فالمراد بالتدبير: تدبير مكائد الحرب من كرّ، وفر، وغارة، وقتل، وأسر، ولحاق للفارين، أو ثبات بالمكان. وإسناد التدبير إلى السابحات على هذا الوجه مجاز عقلي لأن التدبير للفُرسان وإنما الخيل وسائل لتنفيذ التدبير، كما قال تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} [الحج: 27]، فأسند الإِتيان إلى ضمير {كل ضامر} من الإِبل لأن إتيان الحجيج من الفجاج العميقة يكون بسير الإِبل. وفي هذا المجاز إيماء إلى حِذق الخيل وسرعة فهمها مقاصد فرسانها حتى كأنها هي المدبرة لما دبره فرسانها. والأمر: الشأن والغرض المهم وتنوينه للتعظيم، وإفراده لإِرادة الجنس، أي أموراً. وينتظم من مجموع صفات {النازعات}، و {الناشطات}، و {السابحات}، إذا فهم منها جماعات الرماة والجَمَّالَة والفرسانِ أن يكون إشارة إلى أصناف المقاتلين من مُشاة وهم الرماة بالقِسي، وفرسان على الخيل وكانت الرماة تمشي قدَّام الفرسان تنضح عنهم بالنبال حتى يبلغوا إلى مكان الملحمة...

.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

{ فالمدبرات أمرا } يعني جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام يدبر أمر الدنيا هؤلاء الأربعة من الملائكة وجواب هذه الأقسام مضمر على تقدير لتبعثن

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

قوله تعالى : " فالمدبرات أمرا " قال القشيري : أجمعوا على أن المراد الملائكة . وقال الماوردي : فيه قولان : أحدهما الملائكة ، قاله الجمهور . والقول الثاني هي الكواكب السبعة . حكاه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل . وفي تدبيرها الأمر وجهان : أحدهما تدبير طلوعها وأفولها . الثاني تدبيرها ما قضاه الله تعالى فيها من تقلب الأحوال . وحكى هذا القول أيضا القشيري في تفسيره ، وأن الله تعالى علق كثيرا من تدبير أم العالم بحركات النجوم ، فأضيف التدبير إليها وإن كان من الله ، كما يسمى الشيء باسم ما يجاوره . وعلى أن المراد بالمدبرات الملائكة ، فتدبيرها نزولها بالحلال والحرام وتفصيله ، قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما . وهو إلى الله جل ثناؤه ، ولكن لما نزلت الملائكة به سميت بذلك ، كما قال عز وجل : " نزل به الروح الأمين " [ الشعراء : 193 ] . وكما قال تعالى : " فإنه نزله على قلبك " [ البقرة : 97 ] . يعني جبريل نزله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، والله عز وجل هو الذي أنزل .

وروى عطاء عن ابن عباس : " فالمدبرات أمرا " : الملائكة وكلت بتدبير أحوال الأرض في الرياح والأمطار وغير ذلك . قال عبد الرحمن بن ساباط : تدبير أم الدنيا إلى أربعة : جبريل وميكائيل وملك الموت واسمه عزرائيل ، وإسرافيل ، فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود ، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنبات ، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأنفس في البر والبحر ، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم ، وليس من الملائكة أقرب من إسرافيل ، وبينه وبين العرش مسيرة خمسمائة عام . وقيل : أي وكلوا بأمور عرفهم الله بها . ومن أول السورة إلى هنا قسم أقسم الله به ، ولله أن يقسم بما شاء من خلقه ، وليس لنا ذلك إلا به عز وجل . وجواب القسم مضمر ، كأنه قال : والنازعات وكذا وكذا لتبعثن ولتحاسبن . أضمر لمعرفة السامعين بالمعنى . قاله الفراء . ويدل عليه قوله تعالى : " أئذا كنا عظاما نخرة " ألست ترى أنه كالجواب لقولهم : " أئذا كنا عظاما نخرة " نبعث ؟ فاكتفى بقول : " أئذا كنا عظاما نخرة " ؟ وقال قوم : وقع القسم على قوله : " إن في ذلك لعبرة لمن يخشى " [ النازعات : 26 ] وهذا اختيار الترمذي بن علي . أي فيما قصصت من ذكر يوم القيامة وذكر موسى وفرعون " لعبرة لمن يخشى " ولكن وقع القسم على ما في السورة مذكورا ظاهرا بارزا أحرى وأقمن من أن يؤتي بشيء ليس بمذكور فيما قال ابن الأنباري : وهذا قبيح ؛ لأن الكلام قد طال فيما بينهما . وقيل : جواب القسم " هل أتاك حديث موسى " لأن المعنى قد أتاك .

5

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

ولما بان بذلك حسن امثتالها للأوامر ، بان به عظيم نظرها في العواقب فدل على ذلك بالفاء في قوله : { فالمدبرات } أي الناظرات في أدبار{[71311]} الأمور وعواقبها{[71312]} لإتقان ما أمروا به في الأرواح وغيرها { أمراً * } أي عظيماً ، ويصح أن يكون ذلك للشمس و{[71313]} القمر والكواكب والرياح والخيل السابحة في الأرض والجو لمنفعة العباد وتدبير أمورهم ، وبعضها سابق لبعض ، وبه قال بعض المفسرين ، والجواب محذوف إشارة إلى أنه من ظهور العلم به - بدلالة ما قبله وما بعده عليه - في حد لا مزيد عليه ، فهو بحيث لا يحتاج إلى ذكره فحذفه كإثباته بالبرهان فتقديره : لتذهبن بالدنيا التي أنتم بها مغترون لنزعنا لها من محالها وتقطيع أوصالها ، فإن كل ما تقدم من أعمال ملائكتنا هو من مقدمات ذلك تكذيباً لقول الكفار

{ ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر }[ الجاثية : 24 ] المشار إليه بتساؤلهم عنها لأنه{[71314]} على وجه الاستهزاء و{[71315]}التكذيب ولتقومن الساعة ؟ أو أنكم لمبعوثون بعد الموت وانتهاء هذه الدار ؟ ثم لمجازون بما عملتم بأسباب موجودة مهيأة بين أظهركم دبرناها وأوجدناها حين أوجبنا هذه الحياة الدنيا وإن كنتم لا ترونها كما أن هذه الأمور التي أخبرناكم بها في نزع الأرواح والنبات والمنافع موجودة بين أظهركم والميت أقرب ما يكون منكم وهي تعمل أعمالها . والمحتضر أشد ما يكون صوتاً وأعظمه حركة إذا هو قد خفت وهمد بعد ذلك الأمر وسكت وامتدت أعضاؤه ومات ، وذهب عنكم قهراً وفات الذي{[71316]} فات كأنه قط ما كان ، ولا تغلب في زمن من الأزمان ، بتلك الأسباب التي تعمل أعمالها وتمد{[71317]} حبالها وترسي{[71318]} أثقالها ، وتلقي أهوالها وأوجالها ، وأنتم لا ترونها ، فيالله العجب أن لا يردكم ذلك على كثرته عن أن تستبعدوا على قدرته تمييز تراب جسد من تراب جسد آخر .

وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما أوضحت سورة النبأ حال الكافر في قوله

{ يا-{[71319]} ليتني كنت تراباً }[ النبأ : 40 ] عند نظره ما قدمت يداه ، ومعاينته من العذاب عظيم ما يراه ، وبعد ذكر تفصيل أحوال وأهوال ، أتبع ذلك ما قد كان حاله عليه في دنياه من استبعاد عودته في أخراه ، وذكر قرب ذلك عليه سبحانه كما قال في الموضع الآخر

{ وهو أهون عليه }[ الروم : 27 ] وذلك بالنظر إلينا ولما عهدناه ، وإلا فليس عنده سبحانه شيء أهون من شيء

{ إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون }[ يس : 82 ] فقال تعالى : { والنازعات غرقاً } [ النازعات : 1 ] إلى قوله : { يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أئذا كنا عظاماً نخرة } [ النازعات : 10 – 11 ] إذ يستبعدون ذلك ويستدفعونه

{ فإنما{[71320]} هي زجرة واحدة }[ النازعات : 13 ] أي صحية

{ فإذا هم بالساهرة }[ النازعات : 14 ] أي الأرض قياماً ينظرون ما قدمت أيديهم ويتمنون أن لو كانوا تراباً ولا ينفعهم ذلك ، ثم ذكر تعالى من قصة فرعون وطغيانه ما يناسب الحال{[71321]} في قصد الاتعاظ والاعتبار ، ولهذا أتبع القصة بقوله سبحانه

( إن في ذلك لعبرة لمن يخشي }[ النازعات : 26 ] انتهى .


[71311]:من ظ و م، وفي الأصل: عواقب.
[71312]:من ظ و م، وفي الأصل: أدبارها.
[71313]:من ظ و م، وفي الأصل: أو.
[71314]:من م، وفي الأصل و ظ: إلا.
[71315]:من م، وفي الأصل و ظ: أو.
[71316]:زيد في الأصل: قد، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71317]:من ظ و م، وفي الأصل: يمتد.
[71318]:من ظ و م، وفي الأصل: ترى.
[71319]:زيد من ظ و م.
[71320]:من م، وفي الأصل و ظ: إنما.
[71321]:من ظ و م، وفي الأصل: لحال.