في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانفطار مكية وآياتها تسع عشرة

تتحدث هذه السورة القصيرة عن الانقلاب الكوني الذي تتحدث عنه سورة التكوير . ولكنها تتخذ لها شخصية أخرى ، وسمتا خاصا بها ، وتتجه إلى مجالات خاصة بها تطوف بالقلب البشري فيها ؛ وإلى لمسات وإيقاعات من لون جديد . هادئ عميق . لمسات كأنها عتاب . وإن كان في طياته وعيد !

ومن ثم فإنها تختصر في مشاهد الانقلاب ، فلا تكون هي طابع السورة الغالب - كما هو الشأن في سورة التكوير - لأن جو العتاب أهدأ ، وإيقاع العتاب أبطأ . . وكذلك إيقاع السورة الموسيقي . فهو يحمل هذا الطابع . فيتم التناسق في شخصية السورة والتوافق !

إنها تتحدث في المقطع الأول عن انفطار السماء وانتثار الكواكب ، وتفجير البحار وبعثرة القبور كحالات مصاحبة لعلم كل نفس بما قدمت وأخرت ، في ذلك اليوم الخطير . .

وفي المقطع الثاني تبدأ لمسة العتاب المبطنة بالوعيد ، لهذا الإنسان الذي يتلقى من ربه فيوض النعمة في ذاته وخلقته ، ولكنه لا يعرف للنعمة حقها ، ولا يعرف لربه قدره ، ولا يشكر على الفضل والنعمة والكرامة : ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ? في أي صورة ما شاء ركبك ) . .

وفي المقطع الثالث يقرر علة هذا الجحود والإنكار . فهي التكذيب بالدين - أي بالحساب - وعن هذا التكذيب ينشأ كل سوء وكل جحود . ومن ثم يؤكد هذا الحساب توكيدا ، ويؤكد عاقبته وجزاءه المحتوم : ( كلا . بل تكذبون بالدين . وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون . إن الأبرار لفي نعيم . وإن الفجار لفي جحيم . يصلونها يوم الدين . وما هم عنها بغائبين ) . .

فأما المقطع الأخير فيصور ضخامة يوم الحساب وهوله ، وتجرد النفوس من كل حول فيه ، وتفرد الله سبحانه بأمره الجليل : ( وما أدراك ما يوم الدين ? ثم ما أدراك ما يوم الدين ? يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ، والأمر يومئذ لله ) . .

فالسورة في مجموعها حلقة في سلسلة الإيقاعات والطرقات التي يتولاها هذا الجزء كله بشتى الطرق والأساليب .

( إذا السماء انفطرت ، وإذا الكواكب انتثرت ، وإذا البحار فجرت ، وإذا القبور بعثرت . علمت نفس ما قدمت وأخرت ) . .

وقد تحدثنا في السورة الماضية عن الإيحاء الذي يتسرب في الحس من رؤية هذا الكون تتناوله يد القدرة بالتغيير ، وتهزه هزة الانقلاب المثير ، فلا يبقى شيء على حاله في هذا الكون الكبير . وقلنا : إن هذا الإيحاء يتجه إلى خلع النفس من كل ما تركن إليه في هذا الوجود ، إلا الله سبحانه خالق هذا الوجود ، الباقي بعد أن يفنى كل موجود . والاتجاه بالقلب إلى الحقيقة الوحيدة الثابتة الدائمة التي لا تحول ولا تزول ، ليجد عندها الأمان والاستقرار ، في مواجهة الانقلاب والاضطراب والزلزلة والانهيار ، في كل ما كان يعهده ثابتا مستقرا منتظما انتظاما يوحي بالخلود ! ولا خلود إلا للخالق المعبود !

ويذكر هنا من مظاهر الانقلاب انفطار السماء . . أي انشقاقها . وقد ذكر انشقاق السماء في مواضع أخرى : قال في سورة الرحمن : ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) . . وقال في سورة الحاقة : ( وانشقت السماء . فهي يومئذ واهية ) . . وقال في سورة الانشقاق : ( إذا السماء انشقت . . . ) . . فانشقاق السماء حقيقة من حقائق ذلك اليوم العصيب . أما المقصود بانشقاق السماء على وجه التحديد فيصعب القول به ، كما يصعب القول عن هيئة الانشقاق التي تكون . . وكل ما يستقر في الحس هو مشهد التغير العنيف في هيئة الكون المنظور ، وانتهاء نظامه هذا المعهود ، وانفراط عقده ، الذي يمسك به في هذا النظام الدقيق . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الانفطار

أهداف سورة الانفطار

( سورة الانفطار مكية ، وآياتها 19 آية ، نزلت بعد سورة النازعات )

وقد بدأت سورة الانفطار مثل سورة التكوير بالحديث عن أهوال القيامة ، لكنها تحدثت عنها في أسلوب مختصر ، وإيقاع هادئ عميق ، يمكن تقسيم السورة إلى ثلاث فقرات :

الفقرة الأولى : من بداية السورة إلى الآية الخامسة ، وتتحدث عن انفطار السماء ، وانتثار الكواكب ، وتفجير البحار ، وبعثرة القبور ، كحالات مصاحبة لعلم كل نفس بما قدّمت وأخّرت في ذلك اليوم الخطير .

الفقرة الثانية : من الآية ( 2 ) إلى الآية ( 8 ) ، وتبدأ بلمسة العتاب المبطنة بالوعيد ، لهذا الإنسان الذي يتلقى من ربه فيوض النعمة في ذاته وخلقته ، ولكنه لا يعرف للنعمة حقها ، ولا يعرف لربه قدره ، ولا يشكر على الفضل والنعمة والكرامة .

الفقرة الثالثة : من الآية ( 9 ) إلى الآية ( 19 ) ، تقرر علة الجحود والنكران ، فهي التكذيب بالدين –أي بالحساب- وعن هذا التكذيب ينشأ كل سوء وكل جحود ، ومن ثم تؤكد هذا الحساب توكيدا ، وتؤكد عاقبته وجزاءه المحتوم ، وتصور ضخامة يوم الحساب وهوله ، وتجرد النفوس من كل حول فيه ، وتفرد الله سبحانه بأمره الجليل .

مع آيات السورة

تبدأ السورة بتصوير نهاية العالم واختلال نظامه ، وانفراط عقده ، ويتمثل ذلك في أمرين علويين وأمرين سفليين : أما الأمران العلويان فهما انفطار السماء وانتثار الكواكب ، وأما الأمران السفليان فهما تفجير البحار وبعثرة القبور .

1- إذا انشقت السماء وتغير نظامها ، فلم يبق نظام الكواكب على ما نرى ، وهذا عند خراب العالم بأسره .

قال تعالى : ويوم تشقّق السماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا* الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا . ( الفرقان : 25 ، 26 ) .

2- وفي هذا اليوم تتساقط الكواكب وتتفرق : وإذا الكواكب انتثرت . أي : تساقطت متفرقة ، والكواكب تجري الآن في أفلاكها بسرعات هائلة ، وهي ممسكة في داخل مداراتها لا تتعداها ، فإذا انشقت السماء تبع ذلك سقوط الكواكب وانتثارها ، وذهابها في الفضاء بددا ، كما تذهب الذرة التي تنفلت من عقالها .

3- وفي هذا اليوم تزول الحواجز بين البحار ، فيختلط العذب بالملح ، وتغمر البحار اليابسة ، وتطغى على الأنهار ، كما يحتمل أن يكون تفجيرها هو تحويل مائها إلى عنصريه : الأكسجين والهيدروجين .

4- وإذا القبور بعثرت . أي : أثيرت وقلب أعلاها أسفلها ، وباطنها ظاهرها ، ليخرج من فيها من الموتى أحياء للحساب والجزاء .

5- عند حدوث كل هذه الظواهر كل نفس ما قدّمت من الطاعات وما أخّرت من الميراث .

6- 8-يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم* الذي خلقك فسوّاك فعدلك . أي شيء خدعك حتى ضيعت ما أوجب عليه ربك ، وصرت تقصر في حقه ، وتتهاون في أمره ، ويسوء أدبك في جانبه ، وهو ربك الكريك الذي أغدق عليك من كرمه وفضله وبرّه ، فخلقك سويا ، معتدل القامة ، متناسب الخلق ، من غير تفاوت فيه ( فلم يجعل إحدى اليدين أطول ، ولا إحدى العينين أوسع ، ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود )i .

في أي صورة ما شاء ركّبك . أي : ركبك في صورة هي من أعجب الصور وأتقنها وأحكمها ، وقد كان قادرا أن يركبك في أية صورة أخرى يشاؤها ، فاختار لك هذه الصورة السوية المعتدلة الجميلة .

وإن الإنسان لمخلوق جميل التكوين ، سوى الخلقة ، معتدل التصميم ، وإن عجائب الإبداع في خلقه لأضخم من إدراكه هو ، وأعجب من كل ما يراه حوله ، وإن الجمال والاعتدال ليظهر في تكوينه الجسدي ، وفي تكوينه العقلي ، وفي تكوينه الروحي سواء ، وهي تتناسق في كيانه في جمال واستواء .

وهناك مؤلفات كاملة في وصف كمال التكوين الإنساني العضوي ، ودقته وإحكامه ، وتؤكد جلال القدرة المبدعة التي أبدعت خلق الإنسان في أحسن تقويم ، ويسرت خلقه من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ، ثم سوّته خلقا كاملا ، فتبارك الله أحسن الخالقين . ( المؤمنون : 14 ) .

( وهذه الأجهزة العامة لتكوين الإنسان الجسدي ، الجهاز العظمي ، والجهار العضلي ، والجهاز الجلدي ، والجهاز الهضمي ، والجهاز الدموي ، والجهاز التنفسي ، والجهاز التناسلي ، والجهاز الليمفاوي ، والجهاز العصبي ، والجهاز البولي ، وأجهزة الذوق والشم والسمع والبصر ، كل منها عجيبة لا تقاس إليها كل العجائب الصناعية التي يقف الإنسان مدهوشا أمامها ، وينسى عجائب ذاته ، وهي أضخم وأعمق وأدق بما لا يقاس ) . ii .

وتقول مجلة العلوم الإنجليزية : إن يد الإنسان في مقدمة العجائب الفذة ، وإنه من الصعب جدا –بل من المستحيل- أن يبتكر آلة تضارع اليد البشرية ، من حيث البساطة والقدرة وسرعة التكييف ، فحينما تريد قراءة كتاب تتناوله بيدك ، ثم تثبته في الوضع الملائم للقراءة ، وهذه اليد هي التي تصحح وضعه تلقائيا ، وحينما تقلب إحدى صفحاته تضع أصابعك تحت الورقة ، وتضغط عليها بالدرجة التي تقلبها بها ، ثم يزول الضغط بقلب الورقة ، واليد تمسك القلم وتكتب به ، وتستعمل كافة الآلات التي تلزم الإنسان من ملعقة إلى سكين ، إلى آلة الكتابة ، وتفتح النوافذ وتغلقها ، وتحمل كل ما يريده الإنسان ، واليدان تشتملان على سبع وعشرين عظمة ، وتسع عشرة مجموعة من العضلات لكل منهما )iii .

( وإن جزءا من أذن الإنسان ( الأذن الوسطى ) هو سلسلة من نحو أربعة آلاف حنية ( قوس ) دقيقة معقدة ، متدرجة بالغ في الحجم والشكل ، ويمكن القول بأن هذه الحنيات تشبه آلة موسيقية ، ويبدو أنها معدة بحيث تلتقط وتنقل إلى المخ بشكل ما ، كل وقع صوت أو ضجة ، من قصد الرعد إلى حفيف الشجر ، فضلا عن المزيج الرائع من أنغام كل أداة موسيقية في الأوكسترا ووحدتها المنسجمة )iv .

( ومركز حاسة الإبصار في العين ، التي تحتوي على مائة وثلاثين مليونا من مستقبلات الضوء ، وهي أطراف الأعصاب ، ويقوم بحمايتها الجفن ذو الأهداب الذي يقيها ليلا ونهارا ، والذي تعتبر حركته لا إرادية ليمنع عنها الأتربة والذرات والأجسام الغريبة ، كما يكسر من حدة الشمس بما تلقى الأهداب على العين من ظلال ، وحركة الجفن علاوة على هذه الوقاية تمنع جفاف العين ، أما السائل المحيط بالعين والذي يعرف باسم الدموع ، فهو أقوى مطهر )v .

( وجهاز الذوق في الإنسان هو اللسان ، ويرجع عمله إلى مجموعات من الخلايا الذوقية القائمة في حلمات غشائه المخاطي . . . ) .

( ويتكون الجهاز العصبي- الذي يسيطر على الجسم سيطرة تامة- من شعيرات دقيقة ، تمر في جميع أنحاء الجسم ، وتتصل بغيرها أكبر منها ، وهذه بالجهاز المركزي العصبي ، فإذا ما تأثر أي جزء في الجسم ، نقلت الشعيرات العصبية هذا الإحساس إلى المخ ، حيث يمكنه أن يتصرف ) .

( ونحن إذا نظرنا إلى الهضم على أنه عملية في معمل كيماوي ، وإلى الطعام الذي نأكله على أنه مو غفل ، فإننا ندرك توّا أنه عملية عجيبة ، إذ نهضم تقريبا كل شيء يؤكل ما عدا المعدة نفسها )vi .

وكل جهاز من أجهزة الإنسان الأخرى يقال فيه الشيء الكثير ، فالإدراك العقلي ، واختزان المعلومات ، والإدراك الروحي لجلال الله ، كلها تدل على سعة عطاء الله وحكمته ، وكرمه وفضله على الإنسان .

9-12- كلاّ . ارتدعوا عن الاغترار بكرم ربكم لكم ، بل تكذبون بالحساب والمؤاخذة والجزاء ، وهذه هي علة الغرور وعلة التقصير ، وإنه لموكل بكم ملائكة يحفظونكم ويسجلون أقوالكم وأعمالكم ، ويحصونها عليكم ، وهؤلاء الملائكة كرام ، فلا تؤذوهم بما ينفرهم من المعاصي ، وإن الإنسان ليحتشم ويستحيي وهو بمحضر الكرام ، من أن يسف أو يتبذل في لفظ أو كلمة أو حركة أو تصرف ، فكيف به حين يشعر أنه في كل لحظاته في حضرة حفظة من الملائكة كرام ، لا يليق أن يطلعوا منه إلا على كل كريم من الخصال أو الفعال ؟

وهؤلاء الملائكة يكتبون كل شيء ، ولا تخفى عليهم خافية من أعمالهم ، فإنهم يعلمون ما تفعلون سرا أو علنا ، والملائكة قوى من قوى الخير ، منهم الحفظة والكتبة ، ومنهم من ينزل بالوحي على الرسل ، وقد أمدّهم الله بقوة خاصة يستطيعون بها إنجاز ما يوكل إليهم من مهام .

وليس علينا أن نبحث عن كنه هؤلاء الحفظة ، ولا عن كيفية كتابتهم لأعمالنا ، ويكفي أن يشعر القلب البشري أنه غير متروك سدى ، وأن عليه حفظة كراما كاتبين . يعلمون ما يفعله ، ليرتعش ويستيقظ ويتأدب ، وهذا هو المقصود .

13- إن الأبرار صدقوا في إيمانهم بأداء ما فرض عليهم ، واجتناب ما نهوا عنه ، وسيكونون ممتعين في نعيم الجنة .

وليس البر مقصورا على الصلاة والصيام ، ولكن البر عقيدة صادقة ، وسلوك مستقيم ، ويتمثل ذلك في القيام بالواجب ، ومعاونة المحتاج ، والاهتمام بأمر المسلمين ، والحرص على نفع العباد ، وكفّ الأذى وصلة الرحم ، وزيارة المريض ، مواساة البائس ، وتعزية المحزون ، والتخلق بآداب الدين .

قال تعالى : لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبّون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم . ( آل عمران : 92 ) .

14-16- إن الفجرة العصاة لفي نيران متأججة ، يدخلونها يوم القيامة ، بعد أن يحاسبوا على كل صغيرة وكبيرة ، وما هم عن جهنم بغائبين قط لخلودهم فيها .

17-19- ولما كان يوم الدين هو موضوع التكذيب ، فإن السياق يعود لتعظيمه وتضخيمه فيقول : وما أدراك ما يوم الدّين . فهو فوق كل تصور ، وفوق كل توقع ، وفوق كل مألوف ، وتكرار السؤال يزيد في وصف الهول : ثم ما أدراك ما يوم الدّين . أي : ثم عجيب منك أن تتهاون بنبأ هذا اليوم وهوله الشديد ، وهو يوم لا تستطيع فيه نفس أن تنفع نفسا أخرى ، فكل نفس مشغولة بهمها وحملها عن كل من تعرف من النفوس ، والأمر كله في ذلك اليوم لله وحده ، فهو القاضي المتصرف فيه دون غيره .

مقاصد السورة

1- وصف أهوال يوم القيامة .

2- تقصير الإنسان في مقابلة الإحسان بالشكران .

3- بيان أن أعمال الإنسان موكل بها كرام كاتبون .

4- بيان أن الناس في هذا اليوم : إما بررة منعمون ، وإما فجرة معذبون .

مشاهد القيامة ، ونعم الله على الإنسان

بسم الله الرحمان الرحيم

{ إذا السماء انفطرت 1 وإذا الكواكب انتثرت 2 وإذا البحار فجّرت 3 وإذا القبور بعثرت 4 علمت نفس ما قدّمت وأخّرت 5 يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم 6 الذي خلقك فسوّاك فعدلك 7 في أي صورة ما شاء ركّبك 8 }

المفردات :

إذا السماء انفطرت : تشققت وتصدّعت .

التفسير :

1- إذا السماء انفطرت .

تشققت وتصدعت وتهدّم بناؤها ، وذهب تماسكها ، وصارت هلاما غير متماسك ، كدرديّ الزيت .

قال تعالى : فإذا انشقّت السماء فكانت وردة كالدهان . ( الرحمان : 37 ) .

وقال عز شأنه : ويوم تشقّق السماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا* الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا . ( الفرقان : 25 ، 26 ) .

وهذا المعنى ورد في السورة السابقة –سورة التكوير- وفي سور أخرى ، وتفيد مشاهد القيامة في القرآن أنه عند نهاية عمر الدنيا ينفرط عقد الكون ، ويختل توازنه ، ويذهب تماسكه وتكامله .

وقد ذكر هنا أمران علويان ، هما : انفطار السماء ، وتناثر الكواكب ، وأمران في الأرض ، هما : انفجار البحار ، وتبعثر القبور .

والمقصود : العظة والاعتبار واستيلاء الهول على قلب الإنسان حتى يعمل الصالحات ، ويتجنّب الموبقات .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

سورة الانفطار مكية.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

مكية في قول الجميع...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

عن جابر قال: قام معاذ فصلى العشاء الآخرة فطوّل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفتان يا معاذ؟! [أفتان يا معاذ؟!] أين كنت عن سبح اسم ربك الأعلى، والضحى، وإذا السماء انفطرت؟!". وأصل الحديث مخرج في الصحيحين ولكن ذُكَر " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ " في أفراد النسائي. وتقدم من رواية عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سَرَّه أن يَنْظُرَ إلى القيامة رأي عين فليقرأ: " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ " و " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ " و " إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ""...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

مقصودها:

التحذير من الانهماك في الأعمال السيئة اغترارا بإحسان الرب وكرمه ونسيانا ليوم الدين الذي يحاسب فيه على النقير والقطمير، ولا تغني فيه نفس عن نفس شيئا، واسمها الانفطار أدل ما فيها على ذلك...

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

وتسمى سورة انفطرت وسورة المنفطرة...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

تتحدث هذه السورة القصيرة عن الانقلاب الكوني الذي تتحدث عنه سورة التكوير. ولكنها تتخذ لها شخصية أخرى، وسمتا خاصا بها، وتتجه إلى مجالات خاصة بها تطوف بالقلب البشري فيها؛ وإلى لمسات وإيقاعات من لون جديد. هادئ عميق. لمسات كأنها عتاب. وإن كان في طياته وعيد! ومن ثم فإنها تختصر في مشاهد الانقلاب، فلا تكون هي طابع السورة الغالب -كما هو الشأن في سورة التكوير- لأن جو العتاب أهدأ، وإيقاع العتاب أبطأ.. وكذلك إيقاع السورة الموسيقي. فهو يحمل هذا الطابع. فيتم التناسق في شخصية السورة والتوافق! إنها تتحدث في المقطع الأول عن انفطار السماء وانتثار الكواكب، وتفجير البحار وبعثرة القبور كحالات مصاحبة لعلم كل نفس بما قدمت وأخرت، في ذلك اليوم الخطير.. وفي المقطع الثاني تبدأ لمسة العتاب المبطنة بالوعيد، لهذا الإنسان الذي يتلقى من ربه فيوض النعمة في ذاته وخلقته، ولكنه لا يعرف للنعمة حقها...وفي المقطع الثالث يقرر علة هذا الجحود والإنكار. فهي التكذيب بالدين -أي بالحساب...

فأما المقطع الأخير فيصور ضخامة يوم الحساب وهوله، وتجرد النفوس من كل حول فيه، وتفرد الله سبحانه بأمره الجليل...

فالسورة في مجموعها حلقة في سلسلة الإيقاعات والطرقات التي يتولاها هذا الجزء كله بشتى الطرق والأساليب...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

سميت هذه السورة سورة الانفطار في المصاحف ومعظم التفاسير...

وسميت في بعض التفاسير سورة إذا السماء انفطرت، وبهذا الاسم عنونها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه. ولم يعدها صاحب الإتقان مع السور ذات أكثر من اسم وهو الانفطار. ووجه التسمية وقوع جملة {إذا السماء انفطرت} في أولها فعرفت بها. وسميت في قليل من التفاسير سورة انفطرت، وقيل تسمى سورة المنفطرة أي السماء المنفطرة...

أغراضها:

واشتملت هذه السورة على: إثبات البعث، وذكر أهوال تتقدمه. وإيقاظ المشركين للنظر في الأمور التي صرفتهم عن الاعتراف بتوحيد الله تعالى وعن النظر في دلائل وقوع البعث والجزاء. والإعلام بأن الأعمال محصاة. وبيان جزاء الأعمال خيرها وشرها. وإنذار الناس بأن لا يحسبوا شيئا ينجيهم من جزاء الله إياهم على سيء أعمالهم...

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

في السورة إنذار بالبعث وهوله ومشاهده. وتنديد بالمكذبين الذين يقفون من الله موقف الكفر والنكران مع عظيم نعمه عليهم في حسن الخلق ومواهب العقل. وبيان خطورته ومصير الأبرار والفجار فيه ومسؤولية كل عن عمله...

الشعراوي – 1419هـ:

نحن الآن مع سورة الانفطار، تلك السورة القصيرة التي تتحدث عن الانقلاب الكوني الذي قد تحدثت عنه سورة التكوير، ولكنها تتخذ لها شخصية أخرى، وسمتاً خاصّاً بها، وتتجه إلى مجالات خاصة بها تطوّف بالقلب البشري فيها؛ وإلى لمسات وإيقاعات من لون جديد.. هادئ.. عميق.. لمسات كأنها عتاب، وإن كان في طياته وعيد.

ومن ثم فإنها تختصر في مشاهد الانقلاب، فلا تكون هي طابع السورة الغالب كما هو الشأن في سورة التكوير؛ لأن جو العتاب أهدأ، وإيقاع العتاب أبطأ، وكذلك إيقاع السورة يحمل هذا الطابع أيضاً، فيتم التناسق والتوافق في شخصية السورة.

إنها تتحدث في المقطع الأول عن انفطار السماء وانتثار الكواكب، وتفجير البحار وبعثرة القبور.. كحالات مصاحبة لعلم كل نفس بما قدمت وأخرت، في ذلك اليوم الخطير.

وفي المقطع الثاني تبدأ لمسة العتاب المبطنة بالوعيد لهذا الإنسان الذي يتلقى من ربه فيوض النعمة في ذاته وخلقته، ولكنه لا يعرف للنعمة حقها، ولا يعرف لربه قدره، ولا يشكر على الفضل والنعمة والكرامة: {يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم (6) الذي خلقك فسوّاك فعدلك (7) في أيّ صورة ما شاء ركّبك (8)} [الانفطار].

وفي المقطع الثالث يقرر علة هذا الجحود والإنكار.. وهي التكذيب بالدين.. أي التكذيب بالحساب، وعن هذا التكذيب ينشأ كل سوء وكل جحود، ومن ثم يؤكد ذلك الحساب توكيداً، ويؤكد عاقبته وجزاءه المحتوم: {كلاّ بل تكذّبون بالدين (9) وإنّ عليكم لحافظين (10) كراماً كاتبين (11) يعلمون ما تفعلون (12) إنّ الأبرار لفي نعيم (13) وإنّ الفجّار لفي جحيم (14) يصلونها يوم الدين (15) وما هم عنها بغائبين (16)} [الانفطار].

وأما المقطع الأخير فيصور ضخامة يوم الحساب وهوله، وتجرد النفوس من كل حول فيه، وتفرد الله سبحانه وتعالى بأمره الجليل: {وما أدراك ما يوم الدين (17) ثمّ ما أدراك ما يوم الدين (18) يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذٍ لله (19)} [الانفطار].

فالسورة في مجموعها حلقة في سلسلة الإيقاعات والطرقات التي يتولاها هذا الجزء كله بشتى الطرق والأساليب.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

محتوى السورة:

لا تشذ السورة عن سياق سور الجزء الأخير من القرآن الكريم، وتدور حول محور المسائل المتعلقة بيوم القيامة، تتضمّن مجموع آياتها المواضيع التالية:

أشراط الساعة، وهي الحوادث الهائلة التي سيشهدها العالم أواخر لحظات عمره وعند قيام الساعة.

التذكير بالنعم الإلهية الداخلة في كلّ وجود الإنسان، وكسر حالة غرور الإنسان، وتهيئته المعاد.

الإشارة إلى ملائكة تسجيل أعمال الإنسان.

بيان عاقبة المحسنين والمسيئين في يوم القيامة.

لمحات سريعة عمّا سيجري في ذلك اليوم العظيم...

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{إذا السماء انفطرت} يعني انشقت.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"إذَا السّماءُ انْفَطَرَتْ": انشقّت، وإذا كواكبها انتثرت منها فتساقطت، "وَإذَا الْبِحارُ فُجّرَتْ "يقول: فجّر الله بعضها في بعض، فملأ جميعها...عن ابن عباس، في قوله: "وَإذَا الْبِحارُ فُجّرَتْ" يقول: بعضها في بعض.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... ذكر الانفطار ههنا، وهو الشق، وذكر الفتح في موضع آخر، وهو قوله تعالى: {وفتحت السماء فكانت أبوابا} [النبإ: 19] وقوله في موضع آخر: {وإذا السماء فرجت} [المرسلات: 9] [قوله]: {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1]. فمنهم من ذكر أن شقها وانفطارها أن تفتح أبوابها. ومنهم من حمله على السؤال الذي يعرف من شق الأشياء، وهذا أقرب، لأن الآية في موضع التخويف والتهويل، وليس في فتح أبوابها. وإنما التخويف في انشقاقها بنفسها...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

هذا خطاب من الله تعالى للمكلفين من عباده، وفيه تهديد ووعيد فإنه يقول (إذا السماء انفطرت) يعني انشقت، فالانفطار: انقطاع الشيء من الجهات...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هذه أوصاف يوم القيامة، و «انفطار السماء»: تشققها على غير نظام مقصود، إنما هو انشقاق لتزول بنيتها...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن المراد أنه إذا وقعت هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة، فهناك يحصل الحشر والنشر. وفي تفسير هذه الآيات مقامات:

(الأول): في تفسير كل واحد من هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة وهي ههنا أربعة، اثنان منها تتعلق بالعلويات، واثنان آخران تتعلق بالسفليات؛

(الأول): قوله: {إذا السماء انفطرت} أي انشقت، وهو كقوله: {ويوم تشقق السماء بالغمام} {إذا السماء انشقت}، {فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان}، {وفتحت السماء فكانت أبوابا} و {السماء منفطر به}...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إذا السماء} أي على شدة إحكامها واتساقها وانتظامها {انفطرت} أي انشقت شقوقاً أفهم سياق التهويل أنه صار لبابها أطراف كثيرة...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويذكر هنا من مظاهر الانقلاب انفطار السماء.. أي انشقاقها. وقد ذكر انشقاق السماء في مواضع أخرى: قال في سورة الرحمن: (فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان).. وقال في سورة الحاقة: (وانشقت السماء. فهي يومئذ واهية).. وقال في سورة الانشقاق: (إذا السماء انشقت...).. فانشقاق السماء حقيقة من حقائق ذلك اليوم العصيب. أما المقصود بانشقاق السماء على وجه التحديد فيصعب القول به، كما يصعب القول عن هيئة الانشقاق التي تكون.. وكل ما يستقر في الحس هو مشهد التغير العنيف في هيئة الكون المنظور، وانتهاء نظامه هذا المعهود، وانفراط عقده، الذي يمسك به في هذا النظام الدقيق...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الافتتاح ب {إذا} افتتاح مشوِّق لما يرد بعدها من متعلقها الذي هو جواب ما في (إذا) من معنى الشرط كما تقدم في أول سورة إذا الشمس كورت...

{إذا} ظرف للمستقبل متضمن معنى الشرط. والمعربون يقولون: خافض لشرطه منصوب بجوابه، وهي عبارة حسنة جامعة. والقول في الجمل التي أضيف إليها {إذا} من كونها جملاً مفتتحة بمسند إليه مخبر عنه بمسند فعلي دون أن يؤتى بالجملة الفعلية ودون تقدير أفعال محذوفة قبل الأسماء، لقصد الاهتمام بالمسند إليه وتقوية الخبر. وكذلك القول في تكرير كلمة (إذا) بعد حروف العطف كالقول في جمل {إذا الشمس كورت} [التكوير: 1]. و {انفطرت}: مطاوع فطر، إذا جعل الشيء مفطوراً، أي مشقوقاً ذا فطور، وتقدم في سورة الملك. وهذا الانفطار: انفراج يقع فيما يسمى بالسماء وهو ما يشبه القبة في نظر الرائي يراه تسير فيه الكواكب في أسْمات مضبوطة تسمى بالأفلاك تشاهد بالليل، ويعرف سمتها في النهار، ومشاهدتها في صورة متماثلة مع تعاقب القرون تدل على تجانس ما هي مصورة منه فإذا اختلّ ذلك وتخللته أجسام أو عناصر غريبة عن أصل نظامه تفككت تلك الطباق ولاح فيها تشقق فكان علامة على انحلال النظام المتعلق بها كله. والظاهر أن هذا الانفطار هو المعبر عنه بالانشقاق أيضاً في سورة الانشقاق وهو حدث يكون قبل يوم البعث وأنه من أشراط الساعة لأنه يحصل عند إفساد النظام الذي أقام الله عليه حركات الكواكب وحركة الأرض وذلك يقتضيه قرنه بانتثار الكواكب وتفجر البحار وتبعثر القبور. وأما الكشط الذي تقدم في سورة التكوير (11) في قوله: {وإذا السماء كشطت} فذلك عرض آخر يعرض للسماوات يوم الحشر...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وهذا هو مظهرٌ من مظاهر التغيير الكونيّ الذي يؤذن بقيام القيامة وانتقال الناس إلى عالم جديد، فقد كانت السماء متماسكة منتظمة، بحيث لا يستطيع الإنسان، مهما حدّق طويلاً، أن يكتشف أيّة ثغرة في هذا السقف المرفوع، ولكن السماء، في ذلك اليوم المشهود، تتشقق وتمتلئ بالثغرات، وتفتح فيها الأبواب التي يمكن للداخلين، الذين يؤذن لهم بالدخول، أن ينفذوا منها، فكيف يحدث ذلك؟...لا نملك الوسيلة للحصول على جواب حولها، كما أن معرفته لا تتدرج في إطار المسؤوليات الملقاة على عاتقنا...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

مكية عند الجميع ، وهي تسع عشرة آية .

قوله تعالى : " إذا السماء انفطرت " أي تشققت بأمر الله ؛ لنزول الملائكة . كقول : " ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا " [ الفرقان : 25 ] . وقيل : تفطرت لهيبة الله تعالى . والفطر : الشق . يقال : فطرته فانفطر . ومنه فطر ناب البعير : طلع ، فهو بعير فاطر ، وتفطر الشيء : شقق ، وسيف فطار أي فيه شقوق . قال عنترة :

وسيفِي كالعقِيقَةِ وهو كِمْعِي *** سلاحِي لا أفَلَّ ولا فُطَارا{[15836]}

وقد تقدم في غير موضع{[15837]} .


[15836]:العقيقة: شعاع البرق الذي يبدو كالسيف. والكمع: الضجيع.
[15837]:راجع جـ 16 ص 4.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانفطار{[1]}

مقصودها التحذير من{[2]} الانهماك في الأعمال السيئة اغترارا بإحسان الرب وكرمه ونسيانا ليوم الدين الذي يحاسب فيه على النقير والقطمير ، ولا تغني فيه نفس عن نفس شيئا ، واسمها الانفطار أدل ما فيها على ذلك { بسم الله } الذي له الجلال كما أن له{[3]} الجمال { الرحمن } الذي عم بالرحمة ليشكر فغر ذلك أهل الضلال { الرحيم* } الذي خص من أراد بالتوفيق لما يرضى من الخصال .

ولما ختمت{[72000]} التكوير بأنه سبحانه لا يخرج عن مشيئته وأنه موجد الخلق ومدبرهم ، وكان من الناس من يعتقد أن هذا العالم هكذا بهذا الوصف لا آخر له " أرحام تدفع وأرض تبلع ومن مات فات وصار إلى الرفات ولا عود بعد الفوات " افتتح{[72001]} الله سبحانه هذه بما يكون مقدمة لمقصود التي قبلها من أنه لا بد من نقضه لهذا العالم وإخرابه ليحاسب الناس فيجزي كلاًّ منهم من المحسن والمسيء بما عمل فقال : { إذا السماء } أي على شدة إحكامها واتساقها وانتظامها { انفطرت * } أي{[72002]} انشقت شقوقاً أفهم سياق التهويل أنه صار {[72003]}لبابها أطراف{[72004]} كثيرة فزال ما كان لها من الكرية الجامعة للهواء الذي الناس فيه كالسمك في الماء ، فكما أن الماء إذا انكشف عن الحيوانات البحرية هلكت{[72005]} ، كذلك يكون الهواء مع الحيوانات البرية ، فلا تكون حياة-{[72006]} إلا ببعث جديد ونقل عن هذه الأسباب ، ليكون الحساب بالثواب والعقاب .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[72000]:زيد في الأصل: سورة، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72001]:من ظ و م، وفي الأصل: أفتح.
[72002]:زيد في الأصل: انقسفت و، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72003]:من م، وفي الأصل و ظ: لأبوابها أطرافه.
[72004]:من م، وفي الأصل و ظ: لأبوابها أطرافة.
[72005]:من م، وفي الأصل و ظ: ملكت.
[72006]:زيد من ظ و م.