فالمدبرات أمرا : الملائكة تنزل بالتدبير المأمور به ، وجواب القسم محذوف دلّ عليه ما بعده ، وتقديره : لتبعثن .
الملائكة تدبّر أمر الكون من السماء إلى الأرض بأمره تعالى ، من الرياح والأمطار والأرزاق والأعمار ، وغير ذلك من شئون الدنيا .
وتنكير ، أمرا . للتفخيم والتهويل .
وفي الحديث الشريف : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم أربعين يوما علقة ، ثم أربعين يوما مضغة ، ثم يأمر الله الملك ، فيقول : يا رب ، وما أكتب ؟ فيقول : اكتب أجله وعمره ورزقه ، وشقي أو سعيد )iv .
وقيل : إن تدبير أمر الدنيا إلى أربعة من الملائكة : جبريل ، وميكائيل ، وعزرائيل ، وإسرافيل .
فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود ، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنبت ، وأما عزرائيل فموكل بقبض الأنفس ، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم .
المراد بالآيات الخمس : النجوم والكواكب في جريها وتنقلها بين الأبراج ، وسيرها في أفلاكها هادئة أو مسرعة ، أو مدبّرة أمرا بأمر الله تعالى ، كاختلاف الفصول وتقدير الأزمنة ، وظهور مواقيت العبادات والمعاملات .
( فالقمر له أثر في حساب الشهور ، وله من الأثر في السحاب والمطر ، وفي البحر من المدّ والجزر ، وللشمس دورة سنوية ، نعرف بها حساب السنين من جهة ، وفصول السنة من جهة أخرى ، وللفصول الأربعة أثرها في أسباب حياة النبات والحيوان ، ونسبة التدبير إليها لأنها أسباب ما نستفيد منها ، والمدبّر الحكيم هو الله جل شأنه )v .
{ فالمدبرات أمراً } قال ابن عباس : هم الملائكة وكلوا بأمور عرفهم الله عز وجل العمل بها . قال عبد الرحمن بن سابط : يدبر الأمور في الدنيا أربعة : جبريل ، وميكائيل ، وملك الموت ، وإسرافيل ، عليهم السلام ، أما جبريل : فموكل بالوحي والبطش وهزم الجيوش ، وأما ميكائيل : فموكل بالمطر والنبات والأرزاق ، وأما ملك الموت : فموكل بقبض الأنفس ، وأما إسرافيل : فهو صاحب الصور لا ينزل إلا للأمر العظيم . وجواب هذه الأقسام محذوف ، على تقدير : لتبعثن ولتحاسبن . وقيل : جوابه قوله : { إن في ذلك لعبرة لمن يخشى }( النازعات-25 ) . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، تقديره : { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة } والنازعات غرقاً .
قوله تعالى : " فالمدبرات أمرا " قال القشيري : أجمعوا على أن المراد الملائكة . وقال الماوردي : فيه قولان : أحدهما الملائكة ، قاله الجمهور . والقول الثاني هي الكواكب السبعة . حكاه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل . وفي تدبيرها الأمر وجهان : أحدهما تدبير طلوعها وأفولها . الثاني تدبيرها ما قضاه الله تعالى فيها من تقلب الأحوال . وحكى هذا القول أيضا القشيري في تفسيره ، وأن الله تعالى علق كثيرا من تدبير أم العالم بحركات النجوم ، فأضيف التدبير إليها وإن كان من الله ، كما يسمى الشيء باسم ما يجاوره . وعلى أن المراد بالمدبرات الملائكة ، فتدبيرها نزولها بالحلال والحرام وتفصيله ، قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما . وهو إلى الله جل ثناؤه ، ولكن لما نزلت الملائكة به سميت بذلك ، كما قال عز وجل : " نزل به الروح الأمين " [ الشعراء : 193 ] . وكما قال تعالى : " فإنه نزله على قلبك " [ البقرة : 97 ] . يعني جبريل نزله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، والله عز وجل هو الذي أنزل .
وروى عطاء عن ابن عباس : " فالمدبرات أمرا " : الملائكة وكلت بتدبير أحوال الأرض في الرياح والأمطار وغير ذلك . قال عبد الرحمن بن ساباط : تدبير أم الدنيا إلى أربعة : جبريل وميكائيل وملك الموت واسمه عزرائيل ، وإسرافيل ، فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود ، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنبات ، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأنفس في البر والبحر ، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم ، وليس من الملائكة أقرب من إسرافيل ، وبينه وبين العرش مسيرة خمسمائة عام . وقيل : أي وكلوا بأمور عرفهم الله بها . ومن أول السورة إلى هنا قسم أقسم الله به ، ولله أن يقسم بما شاء من خلقه ، وليس لنا ذلك إلا به عز وجل . وجواب القسم مضمر ، كأنه قال : والنازعات وكذا وكذا لتبعثن ولتحاسبن . أضمر لمعرفة السامعين بالمعنى . قاله الفراء . ويدل عليه قوله تعالى : " أئذا كنا عظاما نخرة " ألست ترى أنه كالجواب لقولهم : " أئذا كنا عظاما نخرة " نبعث ؟ فاكتفى بقول : " أئذا كنا عظاما نخرة " ؟ وقال قوم : وقع القسم على قوله : " إن في ذلك لعبرة لمن يخشى " [ النازعات : 26 ] وهذا اختيار الترمذي بن علي . أي فيما قصصت من ذكر يوم القيامة وذكر موسى وفرعون " لعبرة لمن يخشى " ولكن وقع القسم على ما في السورة مذكورا ظاهرا بارزا أحرى وأقمن من أن يؤتي بشيء ليس بمذكور فيما قال ابن الأنباري : وهذا قبيح ؛ لأن الكلام قد طال فيما بينهما . وقيل : جواب القسم " هل أتاك حديث موسى " لأن المعنى قد أتاك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.