في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

وأمام التقدير الواضح في تلك النشأة ومراحلها الدقيقة يجيء التعقيب الموحي بالحكمة العليا التي تتولى كل شيء بقدره في إحكام مبارك جميل : ( فقدرنا فنعم القادرون )

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

16

المفردات :

ثم نتبعهم الآخرين : نحن نتبعهم نظراءهم ، ككفار مكة .

ماء مهين : مني ضعيف ذليل ، وهو النطفة .

قرار مكين : مكان حصين حريز ، وهو الرحم .

إلى قدر معلوم : إلى وقت الولادة .

فقدرنا : قدّرنا ذلك وأحكمناه .

التفسير :

20 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24- ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون* ويل يومئذ للمكذبين .

يخاطب القرآن الخلق ، ويلوّن في أسلوب الخطاب ، ويدعو الإنسان إلى التفكّر في أصله فيقول : ألم نخلقكم أيها الخلق من ماء ضعيف ، نطفة مزرة ؟

وكلمة : مهين . بزنة فعيل ، ومادته : مهن ، أي ضعف ، والميم فيها أصلية .

وأكثر المفسرين ذهب إلى أن معنى : مهين . وضيع حقير ، أما الطبري شيخ المفسرين فقال : المهين هو الضعيف . اه .

وإذا تأملنا أن الله تعالى كرّم بني آدم ، رجحنا أن يكون معنى مهين : ضعيف ، أبعد ما يكون عن الحياة والقوّة والحركة ، لولا أن تلقفته يد القدرة الإلهية .

وأتمنى أن نبتعد عن تسمية المنيّ بأنه مهين بمعنى حقير أو ذليل ، بل معناه اللغويّ من مادة مهن لا هان ، ومهن معناه ضعف ، ومهين معناه ضعيف ، وليس المعنى أنه حقير ، وليس معناها هان بمعنى ذلّ والمنيّ مهين بمعنى ضعيف ، أي لولا وضعه في الرحم في قرار مكين ، لما كان له وجود ولا حياة ولا شموخ وتعال ، فلماذا تتكبّر أيها الإنسان على خالقك ، ولولا يد القدرة ما كنت شيئا مذكورا ؟

قال تعالى : هل أتى على الإنسان حين من الدّهر لم يكن شيئا مذكورا . ( الإنسان : 1 ) .

عود إلى التفسير

ألم تخلقكم يد القدرة الإلهية من ماء مهين ، هو المنيّ الذي يخرج من صلب الرجل فيصب في رحم المرأة ؟

فجعلناه في قرار مكين .

فجعلنا هذا الماء المهين في مكان حريز حصين ، وهو رحم المرأة ، المؤهل للمحافظة على هذه النطفة ، حيث تمسك بجدار الرحم ، وتعلق به وتتشبت به ، فلا تفلت منه ، ثم تتحول إلى مراحل متعددة .

إلى قرار معلوم . زمن مقدّر ، وهو وقت الولادة .

فقدرنا فنعم القادرون .

فقدرنا على خلقه بشرا سويّا في أحسن تقويم ، معه العقل والإرادة والسمع والصبر ، ومزود بالأجهزة البديعة ، مثل : الجهاز الهضمي ، والجهاز العصبي ، والجهاز التناسلي ، والجهاز اللمفاوي .

فنعم القادرون .

أنعم وأكرم بقدرة الله وحده ، الذي خلق الإنسان من منيّ يمنى ، ثم أنشأه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .

ويل يومئذ للمكذبين .

أي : في يوم القيامة الويل والعذاب الأليم للمكذبين بقدرة الله ، فهو الذي خلق الإنسان من مني يمنى ، ومن بدأ الخلق قادر على إعادته ، بل الإعادة أهون من البدء ، فمن كذّب بالبعث والجزاء فله الويل والعذاب يومئذ ، أي يوم القيامة .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

فقدرنا : على كل شيء .

فقدرنا على خلْقِه وتصويره في أحسن تقويم ، فنعم القادرون والخالقون .

قراءات

قرأ الجمهور : فقدرنا بفتح الدال من غير تشديد . وقرأ نافع والكسائي : فقدّرنا بتشديد الدال المفتوحة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

{ فَقَدَرْنَا } أي : قدرنا ودبرنا ذلك الجنين ، في تلك الظلمات ، ونقلناه من النطفة إلى العلقة ، إلى المضغة ، إلى أن جعله الله جسدا ، ثم نفخ فيه الروح ، ومنهم من يموت قبل ذلك .

{ فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } [ يعني بذلك نفسه المقدسة ] حيث كان قدرا تابعا للحكمة ، موافق للحمد{[1325]} .


[1325]:- في ب: لأن قدره تابع لحكمته موافق للحمد.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فقدرنا} الصبي في رحم أمه تسعة أشهر، ودون ذلك أو فوق ذلك، فقال الله عز وجل: {فنعم القادرون}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة: «فَقَدّرْنا» بالتشديد. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بالتخفيف.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كنت أوثر التخفيف لقوله:"فَنِعْمَ القادِرُونَ"، إذ كانت العرب قد تجمع بين اللغتي.

وقد يجوز أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا، فإنه محكيّ عن العرب، قُدِر عليه الموت، وقُدّر بالتخفيف والتشديد. وعنى بقوله: "فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ"... عن الضحاك "فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ "قال: فملكنا فنعم المالكون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فقدرنا} أي سوّينا على ما توجب الحكمة على الوجوه التي في قوله عز وجل: {والذي قدر فهدى} الأعلى.

{فنعم القادرون} أي أنعم به من قادر، فيخرج مخرج الآلاء والنعم، أي إن الذي فعل بكم هذا، هو الله تعالى، لم يقدر أحد أن يفعل بكم هذا الفعل.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

من شدد أراد فقدرنا، فنعم المقدرون لأحوال النطفة ونقلها من حال إلى حال حتى صارت إلى حال الإنسان.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان هذا عظيماً ترجمه وبينه معظماً له بقوله: {فقدرنا} أي بعظمتنا على ذلك أو فجعلناه على مقدار معلوم من الأرزاق والآجال والأحوال والأعمال.

{فنعم القادرون} نحن مطلقاً على ذلك وغيره، أو المقدرون في تلك المقادير لما لنا من كمال العظمة بحيث نجعل ذلك بمباشرة من أردناه منه بطوعه واختياره.

ولعل التعبير بما قد يفيد مع العظمة الجمع لما أقام سبحانه في ذلك من الأسباب بالملائكة وغيرها، و فيه مع ذلك ابتلاء للعباد الموحد منهم والمشرك.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الفاء في قوله: {فقدّرنا} للتفريع على قوله: {فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم}، أي جعلناه في الرحم إلى انتهاء أمد الحمل فقدرنا أطوار خلقكم حتى أخرجناكم أطفالاً.

والفاء في {فنعم القادرون} للتفريع على (قدّرنا) أي تفريع إنشاء ثناء، أي فدل تقديرُنا على أننا نعم القادرون، أي كان تقديرنا تقدير أفضل قادر، وهذا تنويه بذلك الخلق العجيب بالقدرة.

و {القادرون}: اسم فاعل من قدَر اللازم إذا كان ذا قُدرة وبذلك يكون الكلام تأسيساً لا تأكيداً، أي فنعم القادرون على الأشياء.

وعلامة الجمع للتعظيم مثل نون (قَدّرنا) فإن القدرة لما أتت بما هو مقتضى الحكمة كانت قدرة جديرة بالمدح.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

{ فقدرنا } أي قدرنا وقت الولادة { فنعم القادرون } فنعم المقدرون نحن وقرئت بالتشديد والتخفيف لغتان بمعنى واحد

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

" فقدرنا " وقرأ نافع والكسائي " فقدرنا " بالتشديد . وخفف الباقون ، وهما لغتان بمعنى . قاله الكسائي والفراء والقتبي . قال القتبي : قدرنا بمعنى قدرنا مشددة : كما تقول : قدرت كذا وقدرته ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الهلال : [ إذا غم عليكم فاقدروا له ] أي قدروا له المسير والمنازل . وقال محمد بن الجهم عن الفراء : " فقدرنا " قال : وذكر تشديدها عن علي رضي الله عنه ، تخفيفها ، قال : ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا ؛ لأن العرب تقول : قدر عليه الموت وقدر : قال الله تعالى : " نحن قدرنا بينكم الموت " [ الواقعة : 60 ] قرئ بالتخفيف ، والتشديد ، وقدر عليه رزقه وقدر . قال : واحتج الذين خففوا فقالوا : لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون . قال الفراء : وتجمع العرب بين اللغتين . قال الله تعالى : " فمهل الكافرين أمهلهم رويدا " [ الطارق : 17 ] قال الأعشى :

وأنْكَرَتْنِي وما كان الذي نَكِرَتْ *** من الحوادث إلا الشَّيْبَ والصَّلَعَا

وروي عن عكرمة " فقدرنا " مخففة من القدرة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله : " فنعم القادرون " ومن شدد فهو من التقدير ، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون . رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا . ونحوه عن ابن عباس : قدرنا ملكنا . المهدوي : وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف .

قلت : هو صحيح فإن عكرمة هو الذي قرأ " فقدرنا " مخففا قال : معناه فملكنا فنعم المالكون ، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين ، أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا ، أو الشقي والسعيد ، أو الطويل والقصير ، كله على قراءة التشديد . وقيل : هما بمعنى كما ذكرنا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ} (23)

ولما كان هذا عظيماً ترجمه وبينه معظماً له بقوله : { فقدرنا } أي بعظمتنا على ذلك أو فجعلناه على مقدار معلوم من الأرزاق والآجال والأحوال والأعمال { فنعم القادرون * } نحن مطلقاً على ذلك وغيره ، أو المقدرون{[70886]} في تلك المقادير لما لنا من كمال العظمة بحيث نجعل ذلك بمباشرة من أردناه منه بطوعه واختياره . ولعل التعبير بما قد يفيد مع العظمة الجمع لما أقام سبحانه في ذلك من الأسباب بالملائكة وغيرها ، و{[70887]}فيه مع{[70888]} ذلك ابتلاء للعباد الموحد منهم والمشرك :


[70886]:من ظ و م، وفي الأصل: المقدورون.
[70887]:من ظ و م، وفي الأصل: في.
[70888]:من ظ و م، وفي الأصل: في.