قوله تعالى : { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القادرون } ، قرأ نافع{[59037]} والكسائي : بالتشديد من التقدير ، وهو موافق لقوله تعالى : { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } [ عبس : 19 ] .
والباقون : بالتخفيف ، من القدرة ، ويدل عليه { فَنِعْمَ القادرون } .
ويجوزُ أن يكون المعنى على القراءة الأولى : فنعم القادرون على تقديره : وإن جعلت «القادرون » بمعنى «المقدرون » كان جمعاً بين اللَّفظين ، ومعناهما واحد ، ومنه قوله تعالى : { فَمَهِّلِ الكافرين أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } [ الطارق : 17 ] ؛ وقول الأعشى : [ البسيط ]
5057- وأنْكرَتْنِي وقَدْ كَانَ الَّذِي نَكرَتْ *** مِنَ الحَوادثِ إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلْعَا{[59038]}
وقال الكسائي والفراء : هما لغتان بمعنى .
قال القتيبي : «قَدَرْنَا » بمعنى «قَدَّرْنَا » مشددة ، كما تقول : قدرت كذا وقدرته ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الهلال : «إذَا غُمَّ عَليْكُمْ فاقْدُرُوا لَهُ » أي : قدروا له المسير والمنازل .
وقال محمد بن الجهم عن الفرَّاء : أنه ذكر تشديدها عن علي - رضي الله عنه - وتخفيفها .
قال : ولا يبعُد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحداً ، لأن العرب تقول : قدر عليه الموت وقدر ، قال تعالى : { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت } [ الواقعة : 60 ] قرئ بالتخفيف والتشديد ، وقدر عليه رزقه وقدر ، واحتج الذين خففوا فقالوا : لو كانت كذلك لكانت «فنِعْمَ المُقدِّرُونَ » .
قال الفراء : والعرب تجمع بين اللُّغتين ، واستدل بقوله : { فَمَهِّلِ الكافرين } الآية ، [ الطارق : 17 ] وذكر بيت الأعشى المتقدم .
وقيل : المعنى قدَّرنا قصيراً وطويلاً ، ونحوه عن ابن عبَّاس : قدرنا ملكنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.