ويتوسع في عرض صفة المتقين هؤلاء وما أعده لهم من جزاء :
لهم ما يشاءون عند ربهم ، ذلك جزاء المحسنين . .
وهو تعبير جامع ، يشمل كل ما يخطر للنفس المؤمنة من رغائب ، ويقرر أن هذا( لهم )عند ربهم ، فهو حقهم الذي لا يخيب ولا يضيع . . ( ذلك جزاء المحسنين ) . .
ذلك ليحقق الله ما أراده لهم من خير ومن كرامة ، ومن فضل يزيد على العدل يعاملهم به ، متفضلاً محسناً :
34- { لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين } .
لهؤلاء المؤمنين الصادقين المصدّقين المتقين ما يشاءون من ألوان النعيم في الجنة ، ومن التكريم عند الله العلي القدير ، ففي الجنة ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ، وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، إن هؤلاء المتقين قد أحسنوا العمل فاستحقوا أحسن الثواب .
أي : ذلك الذي ذُكر من حصولهم على ما يشاءون في الدنيا والآخرة ، جزاء للمحسنين الذين أخلصوا إيمانهم وأحسنوا أعمالهم .
{ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ } من الثواب ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . فكل ما تعلقت به إرادتهم ومشيئتهم ، من أصناف اللذات والمشتهيات ، فإنه حاصل لهم ، معد مهيأ ، { ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ } الذين يعبدون اللّه كأنهم يرونه ، فإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم { الْمُحْسِنِينَ } إلى عباد اللّه .
ولما مدحهم على تقواهم ، قال في جواب من سأل عن ثوابهم ، فقال لافتاً القول إلى صفة الإحسان تعريفاً بمزيد إكرامهم : { لهم ما يشآءون } أي يتجدد لهم إرادته متى أرادوه { عند ربهم } أي المحسن إليهم اللطيف بهم في الدنيا والآخرة لأنهم سلموا له في الأولى ما يشاء ، فسلم لهم في الأخرى ما يشاؤون . ولما كان أعظم الجزاء ، مدحه على وجه بين علته وأوجب عمومه فقال : { ذلك } أي الثواب الكبير { جزاء المحسنين * } أي كل من اتصف بالإحسان كما اتصفوا به بالتقوى ، فأحبه الله سبحانه كما أحبهم ، فكان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.