في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

وما غاض معين فضله وفيض عطائه . فإن لك عنده في الآخرة من الحسنى خيرا مما يعطيك منها في الدنيا : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) . . فهو الخير أولا وأخيرا . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

التفسير :

4- وللآخرة خير لك من الأولى .

في هذه الآية تفسيران :

التفسير الأول : أعطاك الله الرضا والمحبة ، وسيتوالى فضل الله عليك في الدنيا ، فتزداد كل يوم عزا ونصرا ، حتى تفتح مكة ويدخل الناس في دين الله أفواجا ، وقد صدق الله وعده ، فنصر رسوله في غزوة بدر ، واستمر نصر الله له حتى خضعت أمّ القرى ، وعمّ الإسلام بلاد العرب ، وانتقل الإسلام في حياة الخلفاء إلى بلاد الفرس والروم ومصر وشمال أفريقيا ، وغير ذلك .

وخلاصة معنى الآية : الفترة الآخرة من حياتك ستكون خيرا لك من الفترة الأولى .

التفسير الثاني : ستكون منزلتك في الحياة الآخرة خيرا وأفضل من الحياة الأولى ، حيث يعطيك الله الشفاعة والمنزلة السامية ، ويكرمك في أمّتك .

والخلاصة : منزلتك يوم القيامة وعطاء الله لك في الآخرة خير لك من الحياة الدنيا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

وأما حاله المستقبلة ، فقال : { وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى } أي : كل حالة متأخرة من أحوالك ، فإن لها الفضل على الحالة السابقة .

فلم يزل صلى الله عليه وسلم يصعد في درج المعالي{[1448]}  ويمكن له الله دينه ، وينصره على أعدائه ، ويسدد له أحواله ، حتى مات ، وقد وصل إلى حال لا يصل{[1449]}  إليها الأولون والآخرون ، من الفضائل والنعم ، وقرة العين ، وسرور القلب .

ثم بعد ذلك ، لا تسأل عن حاله في الآخرة ، من تفاصيل الإكرام ، وأنواع الإنعام .


[1448]:- في ب: درجات.
[1449]:- في ب: ما وصل.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

{ وللآخرة خير لك من الأولى } لأن الله يعطيك فيها الكرامات والدرجات

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

روى سلمة عن ابن إسحاق قال : " وللآخرة خير لك من الأولى " أي ما عندي في مرجعك إلي يا محمد ، خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا . وقال ابن عباس : أري النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يفتح اللّه على أمته بعده ؛ فسر بذلك ؛ فنزل جبريل بقوله : " وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى " . قال ابن إسحاق : الفلج في الدنيا ، والثواب في الآخرة . وقيل : الحوض والشفاعة . وعن ابن عباس : ألف قصر من لؤلؤ أبيض ترابه المسك . رفعه الأوزاعي ، قال : حدثني إسماعيل بن عبيدالله ، عن علي بن عبدالله بن عباس ، عن أبيه قال : أري النبي صلى اللّه عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته ، فسر بذلك ؛ فأنزل اللّه عز وجل " والضحى - إلى قوله تعالى - ولسوف يعطيك ربك فترضى " ، فأعطاه اللّه جل ثناؤه ألف قصر في الجنة ، ترابها المسك ؛ في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم . وعنه قال : رضي محمد ألا يدخل أحد من أهل بيته النار . وقال السدي . وقيل : هي الشفاعة في جميع المؤمنين . وعن علي رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( يشفعني اللّه في أمتي حتى يقول اللّه سبحانه لي : رضيت يا محمد ؟ فأقول يا رب رضيت ) . وفي صحيح مسلم عن ، عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى اللّه عليه وسلم تلا قول اللّه تعالى في إبراهيم : " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم{[16143]} " [ إبراهيم : 36 ] وقول عيسى : " إن تعذبهم فإنهم عبادك{[16144]} " [ المائدة : 118 ] ، فرفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى . فقال اللّه تعالى لجبريل : ( اذهب إلى محمد ، وربك أعلم ، فسله ما يبكيك ) فأتى جبريل النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فسأل فأخبره . فقال اللّه تعالى لجبريل : [ اذهب إلى محمد ، فقل له : إن اللّه يقول لك : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك{[16145]} ] . وقال علي رضي اللّه عنه لأهل العراق : إنكم تقولون إن أرجى آية في كتاب اللّه تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله{[16146]} " [ الزمر : 53 ] قالوا : إنا نقول ذلك . قال : ولكنا أهل البيت نقول : إن أرجى آية في كتاب اللّه قوله تعالى : " ولسوف يعطيك ربك فترضى " . وفي الحديث : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : [ إذاً واللّه لا أرضى وواحد من أمتي في النار ] .


[16143]:آية 36 سورة إبراهيم.
[16144]:آية 118 سورة المائدة.
[16145]:رواية الحديث كما ورد في صحيح مسلم: كتاب الإيمان: "أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم "رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني" الآية، وقول عيسى عليه السلام "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" فرفع يديه وقال: "اللهم أمتي أمتي"، وبكى، فقال الله عز وجل: "يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك" فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله: "يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك و لا نسوءك".
[16146]:آية 53 صورة الزمر.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

ولما ذكر حاله في الدنيا بأنه لا يزال يواصله بالوحي والكرامة ، ومنه ما هو مفتوح على أمته من بعده روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أريت ما هو مفتوح على أمتي من بعدي كَفراً كَفراً فسرني ذلك " فلما كان ذلك وكان ذكره على وجه شمل الدارين صرح بالآخرة التي هي أعلى وأجل ، ولأدنى من يدخلها فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فكيف بما له صلى الله عليه وسلم ، فقال مؤكداً لذلك كما أكد الأول بالقسم بما لهم فيه من الإنكار : { وللآخرة } أي التي هي المقصود من الوجود بالذات لأنها باقية خالصة عن شوائب الكدر أو الحالة المتأخرة لك ليفهم منه أنه لا يزال في ترق من عليّ إلى أعلى منه وكامل إلى أكمل منه دائماً أبداً لا إلى نهاية { خير } وقيد بقوله : { لك } لأنه ليس كل أحد كذلك { من الأولى * } أي الدنيا الفانية التي لا سرور فيها خالص كما أن النهار الذي هو بعد الليل خير منه وأشرف ولا سيما الضحى منه ، وقد أفهم ذلك أن الناس على أربعة أقسام : منهم من له الخير في الدارين وهم أهل الطاعة الأغنياء ، ومنهم من له الشر فيهما وهم الكفرة الفقراء ، ومنهم من له صورة خير في الدنيا وشر الآخرة وهم الكفرة الأغنياء ، ومنهم من له صورة شر في الدنيا وخير في الآخرة وهم المؤمنون الفقراء ، قد قال :

الناس في الدنيا على أربع *** والنفس في فكرتهم حائره

فواحد دنياه مقبوضة *** إن له من بعدها آخره

وواحد دنياه مبسوطة *** ليس له من بعدها آخره

وواحد قد حاز حظيهما *** سعيد في الدنيا وفي الآخره

وواحد يسقط من بينهم *** فذلك لا دنيا ولا آخره