في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

يسدل الستار على ذلك المشهد ليرفعه عن مشهد آخر ، في ظل آخر ، وفي جو آخر ، له عطر آخر تستروح له الأرواح وتخفق له القلوب . إنه مشهد المؤمنين . مشهدهم خاشعين مخبتين عابدين ، داعين إلى ربهم وقلوبهم راجفة من خشية الله ، طامعة راجية في فضل الله . وقد ذخر لهم ربهم من الجزاء ما لا يبلغ إلى تصوره خيال :

( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم ، وهم لا يستكبرون . تتجافى جنوبهم عن المضاجع ، يدعون ربهم خوفا وطمعا ، ومما رزقناهم ينفقون . فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ، جزاء بما كانوا يعملون ) . .

وهي صورة وضيئة للأرواح المؤمنة ، اللطيفة ، الشفيفة الحساسة المرتجفة من خشية الله وتقواه ، المتجهة إلى ربها بالطاعة المتطلعة إليه بالرجاء ، في غير ما استعلاء ولا استكبار . هذه الأرواح هي التي تؤمن بآيات الله ، وتتلقاها بالحس المتوفز والقلب المستيقظ والضمير المستنير .

هؤلاء إذا ذكروا بآيات ربهم ( خروا سجدا )تأثرا بما ذكروا به ، وتعظيما لله الذي ذكروا بآياته ، وشعورا بجلاله الذي يقابل بالسجود أول ما يقابل ، تعبيرا عن الإحساس الذي لا يعبر عنه إلا تمريغ الجباه بالتراب ( وسبحوا بحمد ربهم ) . مع حركة الجسد بالسجود . ( وهم لا يستكبرون ) . . فهي استجابة الطائع الخاشع المنيب الشاعر بجلال الله الكبير المتعال .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

{ إنما يؤمن بئاياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون( 15 ) تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون( 16 ) فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون( 17 ) }

المفردات :

ذكروا بها : وعظوا .

خروا سجدا : سقطوا ساجدين .

سبحوا بحمد ربهم : جمعوا بين التسبيح والحمد في سجودهم فقالوا سبحان الله وبحمده والتسبيح التنزيه .

15

التفسير :

{ إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم ولا لا يستكبرون . . . }

يقارن القرآن بين موقف المشركين وعذابهم وموقف المؤمنين ونعيمهم فقد تحدثت الآيات السابقة عن موقف الخزي والهوان والعذاب للمجرمين وهنا تحدث الآيات عن مشهد وضيء يتناول صفات المؤمنين ومعنى الآية : إذا امتنع المجرمون عن الإيمان فإن للإيمان قوما هداهم الله إليه ومن صفاتهم أنهم إذا سمعوا آيات الله أو وعظهم واعظ وذكرهم بأنعم الله وقعوا على الأرض ساجدين لله سجود عبادة خالصة وجمعوا في سجودهم بين التسبيح والحمد أي قالوا : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لنا حال كونهم متواضعين خاشعين لله غير مستكبرين ولا ممتنعين عن السجود لله والامتثال لأمره .