وفي النهاية يأتي تهديد المنافقين ومرضى القلوب والمرجفين الذي ينشرون الشائعات المزلزلة في صفوف الجماعة المسلمة . . تهديدهم القوي الحاسم ، بأنهم إذا لم يرتدعوا عما يأتونه من هذا كله ، وينتهوا عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات ، والجماعة المسلمة كلها ، أن يسلط الله عليهم نبيه ، كما سلطه على اليهود من قبل ، فيطهر منهم جو المدينة ، ويطاردهم من الأرض ؛ و يبيح دمهم فحيثما وجدوا أخذوا وقتلوا . كما جرت سنة الله فيمن قبلهم من اليهود على يد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وغير اليهود من المفسدين في الأرض في القرون الخالية :
( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ، ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ؛ ملعونين ، أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا . سنة الله في الذين خلوا من قبل . ولن تجد لسنة الله تبديلا ) . .
ومن هذا التهديد الحاسم ندرك مدى قوة المسلمين في المدينة بعد بني قريظة ، ومدى سيطرة الدولة الإسلامية عليها . وانزواء المنافقين إلا فيما يدبرونه من كيد خفي ، لا يقدرون على الظهور ؛ إلا وهم مهددون خائفون .
وقوله : مَلْعُونِينَ إيْنَما ثُقِفُوا أخذوا وَقُتّلُوا تَقْتِيلاً يقول تعالى ذكره : مطرودين منفيين أينما ثقفوا يقول : حيثما لقوا من الأرض أخذوا وقتلوا لكفرهم بالله تقتيلاً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة مَلْعُونِينَ على كلّ حال أيْنَما ثُقِفُوا أخذوا وَقُتّلُوا تَقْتِيلاً إذا هم أظهروا النفاق .
ونصب قوله : مَلْعُونِينَ على الشتم ، وقد يجوز أن يكون القليل من صفة الملعونين ، فيكون قوله ملعونين مردودا على القليل ، فيكون معناه : ثم لا يجاورونك فيها إلا أقلاء ملعونين يقتلون حيث أصيبوا .
وقوله تعالى : { ملعونين } يجوز أن ينتصب على الذم قاله الطبري ، ويجوز أن يكون بدلاً من أقلاء الذي قدرناه قبل في أحد التأويلات{[9580]} ، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في { يجاورونك } كأنه قال ينتفون ملعونين ، فلما تقدر { لا يجاورونك } تقدير ينتفون ، حسن هذا ]{[9581]} ، واللعنة الإبعاد ، و { ثقفوا } معناه حصروا وقدر عليهم ، و { أخذوا } معناه أسروا ، والأخيذ الأسير ومنه قول العرب " أكذب من الأخيذ الصبحان " {[9582]} ، وقرأ جمهور الناس «وقتّلوا » بشد التاء ، ويؤيد هذا المصدر بعدها ، وقرأت فرقة بتخفيف التاء والمصدر على هذه القراءة على غير قياس ، قال الأعمش كل ما في القرآن غير هذا الموضع فهو «قتلوا » بالتخفيف{[9583]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.