فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَّلۡعُونِينَۖ أَيۡنَمَا ثُقِفُوٓاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقۡتِيلٗا} (61)

{ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ وَقُتّلُواْ تَقْتِيلاً } فهذا فيه معنى : الأمر بقتلهم وأخذهم : أي هذا حكمهم إذا كانوا مقيمين على النفاق والإرجاف . قال النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية . وأقول ليس هذا بحسن ولا أحسن ، فإن قوله { ملعونين } إلخ ، إنما هو لمجرّد الدعاء عليهم لا أنه أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم ولا تسليط له عليهم ، وقد قيل : إنهم انتهوا بعد نزول هذه الآية عن الإرجاف ، فلم يغره الله بهم ، وجملة { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } جواب القسم ، وجملة { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً } معطوفة على جملة جواب القسم ، أي لا يجاورونك فيها إلاّ جواراً قليلاً حتى يهلكوا ، وانتصاب { مَّلْعُونِينَ } على الحال كما قال المبرد وغيره ، والمعنى مطرودين { أَيْنَمَا } وجدوا وأدركوا { أُخِذُواْ وَقُتّلُواْ } دعاء عليهم بأن يؤخذوا ويقتلوا { تَقْتِيلاً } وقيل : إن هذا هو الحكم فيهم ، وليس بدعاء عليهم ، والأوّل أولى . وقيل معنى الآية : أنهم إن أصرّوا على النفاق لم يكن لهم مقام بالمدينة إلاّ وهم مطرودون .

/خ68