وانتصب { ملعونين } على الذم ، قاله الطبري ؛ وأجاز ابن عطية أن يكون بدلاً من { قليلاً } ، قال : هو من إقلاء الذي قدرناه ؛ وأجاز هو أيضاً أن يكون حالاً من الضمير في { يجاورونك } ، قال : كأنه قال : ينتفون من المدينة معلونين ، فلا يقدر { لا يجاورونك } ، فقدر ينتفون حسن هذا . انتهى .
وقال الزمخشري ، والحوفي ، وتبعهما أبو البقاء : يجوز أن يكون حالاً من الضمير في { لا يجاورونك } ، كما قال ابن عطية .
قال الزمخشري : وهذا نصه ملعونين ، نصب على الشتم أو الحال ، أي لا يجاورونك ، إلا ملعونين .
دخل حرف الاستثناء على الظرف والحال معاً ، كما مر في قول : { إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه } ، ولا يصح أن ينتصب من أخذوا ، لأن ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها . انتهى .
وتقدم الكلام معه في مجيء الحال مما قبل إلا مذكورة بعد ما استثنى بإلا ، فيكون الاستثناء منصباً عليهما ، وأن جمهور البصريين منعوا من ذلك .
وأما تجويز ابن عطية أن يكون بدلاً ، فالبدل بالمشتق قليل .
وأما قول الزمخشري : لأن ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها ، فليس هذا مجمعاً عليه ، لأن ما بعد كلمة الشرط شيئان : فعل الشرط والجواب .
فأما فعل الشرط ، فأجاز الكسائي تقديم معموله على الكلمة ، أجاز زيد أن يضرب اضربه ، وأما الجواب فقد أجاز أيضاً تقديم معموله عليه نحو : إن يقم زيد عمراً يضرب .
وقد حكي عن بعض النحويين أنه قال : المعنى : { أينما ثقفوا } : أخذوا ملعونين ، والصحيح أن ملعونين صفة لقليل ، أي إلا قليلين ملعونين ، ويكون قليلاً مستثنى من الواو في لا يجاورونك ، والجملة الشرطية صفة أيضاً ، أي مقهورين مغلوباً عليهم .
ومعنى { ثقفوا } : حصروا وظفر بهم ، ومعنى { أخذوا } : أسروا ، والأخيذ : الأسير .
وقرأ الجمهور : { قتلوا } ، بتشديد التاء ؛ وفرقة : بتخفيفها ، فيكون { تقتيلاً } مصدراً على غير قياس المصدر .
والظاهر أن المنافقين انتهوا عما كانوا يؤذون به الرسول والمؤمنين ، وتستر جميعهم ، وكفوا خوفاً من أن يقع بهم ما وقع القسم عليه ، وهو الإغراء والجلاء والأخذ والقتل .
وقيل : لم يمتثلوا للانتهاء جملة ، ولا نفذ عليهم الوعيد كاملاً .
ألا ترى إلى إخراجهم من المسجد ، ونهيه عن الصلاة عليهم ، وما نزل فيهم في سورة براءة ؟ وأبعد من ذهب إلى أنه لم ينته هؤلاء الأصناف ، ولم ينفذ الله الوعيد عليهم ، ففيه دليل على بطلان القول بإنفاذ الوعيد في الآخرة ، ويكون هذا الوعيد مفروضاً ومشروطاً بالمشيئة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.