في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ} (25)

ثم يصور مصيره بعد الحسرة الفاجعة والتمنيات الضائعة : " فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد " . . إنه الله القهار الجبار . الذي يعذب يومئذ عذابه الفذ الذي لا يملك مثله أحد .

والذي يوثق وثاقه الفذ الذي لا يوثق مثله أحد . وعذاب الله ووثاقه يفصلهما القرآن في مواضع أخرى في مشاهد القيامة الكثيرة المنوعة في ثنايا القرآن كله ، ويجملهما هنا حيث يصفهما بالتفرد بلا شبيه من عذاب البشر ووثاقهم . أو من عذاب الخلق جميعا ووثاقهم . وذلك مقابل ما أسلف في السورة من طغيان الطغاة ممثلين في عاد وثمود وفرعون ، وإكثارهم من الفساد في الأرض ، مما يتضمن تعذيب الناس وربطهم بالقيود والأغلال . فها هو ذا ربك - أيها النبي وأيها المؤمن - يعذب ويوثق من كانوا يعذبون الناس ويوثقونهم . ولكن شتان بين عذاب وعذاب ، ووثاق ووثاق . . وهان ما يملكه الخلق من هذا الأمر ، وجل ما يفعله صاحب الخلق والأمر . فليكن عذاب الطغاة للناس ووثاقهم ما يكون . فسيعذبون هم ويوثقون ، عذابا ووثاقا وراء التصورات والظنون !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ} (25)

قوله : فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أحَدٌ أجمعت القرّاء قرّاء الأمصار في قراءة ذلك على على كسر الذال من يعذّب ، والثاء من يوثِق ، خلا الكسائي ، فإنه قرأ ذلك بفتح الذال والثاء ، اعتلالاً منه بخبر رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأه كذلك ، واهي الإسناد .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن خالد الحذّاء ، عن أبي قِلابة ، قال : ثني من أقرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم : «فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ » .

والصواب من القول في ذلك عندنا : ما عليه قرّاء الأمصار ، وذلك كسر الذال والثاء ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه . فإذَا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : فيومئذٍ لا يعذّب بعذاب الله أحد في الدنيا ، ولا يوثق كوثاقه يومئذٍ أحد في الدنيا . وكذلك تأوّله قارئو ذلك كذلك من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ ولا يوثِق كوثاق الله أحد .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أحَدٌ قال : قد علم الله أن في الدنيا عذابا وَوَثاقا ، فقال : فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحد في الدنيا ، ولا يُوثِق وثاقه أحد في الدنيا .

وأما الذي قرأ ذلك بالفتح ، فإنه وجّه تأويله إلى : فيومئذٍ لا يعذّب أحد في الدنيا كعذاب الله يومئذٍ ، ولا يوثَق أحد في الدنيا كوثاقه يومئذٍ . وقد تأوّل ذلك بعض من قرأ ذلك كذلك بالفتح من المتأخرين : فيومئذٍ لا يعذّب عذاب الكافر أحَد ولا يُوثَق وَثاق الكافر أحد . وقال : كيف يجوز الكسر ، ولا معذّب يومئذٍ سوى الله وهذا من التأويل غلط . لأن أهل التأويل تأوّلوه بخلاف ذلك . مع إجماع الحجة من القراء على قراءته بالمعنى الذي جاء به تأويل أهل التأويل ، وما أحسبه دعاه إلى قراءة ذلك كذلك ، إلاّ ذهابه عن وجه صحته في التأويل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ} (25)

فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد الهاء لله أي لا يتولى عذاب الله ووثاقه يوم القيامة سواه إذ الأمر كله له أو للإنسان أي لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه وقرأهما الكسائي ويعقوب على بناء المفعول .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ} (25)

وقرأ جمهور القراء وعلي بن أبي طالب وابن عباس وأبو عبد الرحمن «يعذِّب » .