في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحٗا وَإِبۡرَٰهِيمَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَۖ فَمِنۡهُم مُّهۡتَدٖۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (26)

16

ولما انتهى من تقرير وحدة الرسالة في جوهرها وكتابها وميزانها عاد يقرر وحدتها في رجالها ، فهم من ذرية نوح وإبراهيم .

( ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ) . .

فهي شجرة واحدة باسقة ، متشابكة الفروع ، فيها النبوة والكتاب . ممتدة من فجر البشرية منذ نوح ، حتى إذا انتهت إلى إبراهيم ، تفرعت وامتدت وانبثقت النبوات من ذلك الفرع الكبير الذي صار أصلا باسقا ممتدا إلى آخر الرسالات .

فأما الذرية التي جاءتها النبوات والكتب فلم تكن على شاكلة واحدة : ( فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ) . .

وهو تلخيص قصير لذلك الخط الطويل !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحٗا وَإِبۡرَٰهِيمَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَۖ فَمِنۡهُم مُّهۡتَدٖۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرّيّتِهِمَا النّبُوّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَاسِقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد أرسلنا أيها الناس نوحا إلى خلقنا ، وإبراهيم خليله إليهم رسولاً وَجَعَلْنا فِي ذُرّيّتِهِما النُبُوّةَ وَالكِتابَ وكذلك كانت النبوّة في ذرّيتهما ، وعليهم أنزلت الكتب : التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان ، وسائر الكتب المعروفة فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ يقول : فمن ذرّيتهما مهتدٍ إلى الحقّ مستبصر وكَثِيرٌ مِنْهُمْ يعني من ذرّيتهما فاسِقُونَ يعني ضُلاّل ، خارجون عن طاعة الله إلى معصيته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحٗا وَإِبۡرَٰهِيمَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَۖ فَمِنۡهُم مُّهۡتَدٖۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (26)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا أيها الناس نوحا إلى خلقنا، وإبراهيم خليله إليهم رسولاً" وَجَعَلْنا فِي ذُرّيّتِهِما النُبُوّةَ وَالكِتابَ "وكذلك كانت النبوّة في ذرّيتهما، وعليهم أنزلت الكتب: التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، وسائر الكتب المعروفة "فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ" يقول: فمن ذرّيتهما مهتدٍ إلى الحقّ مستبصر "وكَثِيرٌ مِنْهُمْ" يعني من ذرّيتهما "فاسِقُونَ" يعني ضُلاّل، خارجون عن طاعة الله إلى معصيته.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وإنما ذكر نوحا وإبراهيم، والله أعلم، لما أخبر أنه جعل في ذريتهما النبوة والكتاب، وإلا فقد أرسل الرسل بجملتهم في قوله: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} [الآية: 25] فدخل نوح وإبراهيم عليهم السلام في قوله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات}.

{فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون} يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد كان في قومهم من اتبعهم، فصاروا مهتدين، ومنهم من ترك اتباعهم، وخرجوا عن أمر الله، فصاروا فاسقين؛ يصبره، ويسكن قلبه على ما كان في قوم من تقدم من الرسل من المجيبين لرسله والتاركين للإجابة كقومك، أي لست أنت بأول من كذب، ورد قوله تعنتا وعنادا، والله الهادي.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

واعلم أنه تعالى لما ذكر أنه أرسل الرسل بالبينات والمعجزات، وأنه أنزل الميزان والحديد، وأمر الخلق بأن يقوموا بنصرتهم أتبع ذلك ببيان سائر الأشياء التي أنعم بها عليهم، فبين أنه تعالى شرف نوحا وإبراهيم عليهما السلام بالرسالة، ثم جعل في ذريتهما النبوة والكتاب فما جاء بعدهما أحد بالنبوة إلا وكان من أولادهما، وإنما قدم النبوة على الكتاب، لأن كمال حال النبي أن يصير صاحب الكتاب والشرع. قال تعالى: {فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون}...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

معطوف على جملة {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} [الحديد: 25] عطف الخاص على العام لما أريد تفصيل لإِجماله تفصيلاً يسجل به انحراف المشركين من العرب والضالّين من اليهود عن مناهج أبويهما: نوح وإبراهيم قال تعالى في شأن بني إسرائيل {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً} [الإسراء: 3]، والعرب لا ينسون أنهم من ذرية نوح..

والفسق: الخروج عن الاهتداء...