فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحٗا وَإِبۡرَٰهِيمَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَۖ فَمِنۡهُم مُّهۡتَدٖۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (26)

ولما ذكر إرسال الرسل إجمالا أشار هنا إلى نوع تفصيل ، فذكر رسالته لنوح وإبراهيم فقال :

{ ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم } كرر القسم للتوكيد ، ولإظهار مزيد الاعتناء بالأمر ، ونوح هو الأب الثاني لجميع البشر ، وإبراهيم أبو العرب والروم وبني إسرائيل { وجعلنا في ذرتهما } أي نوح وإبراهيم { النبوة والكتاب } أي الكتب الأربعة المنزلة على الأنبياء منهم ، وقيل : جعل بعضهم أنبياء وبعضهم يتلون الكتاب ، وقيل : الكتاب الخط بالقلم ، يقال كتب كتابة وكتابة .

{ فمنهم مهتد } أي : فمن الذرية من اهتدى بهدي نوح إبراهيم وقيل : المعنى فمن المرسل إليهم من قوم الأنبياء مهتد بما جاء به الأنبياء من الهدى ، والأول أولى ، لتقدم ذكرهم لفظا وأما الثاني فلدلالة أرسلنا والمرسلين عليه { وكثير منهم فاسقون } أي : خارجون عن الطاعة وقيل : المراد بالفاسق هنا الذي ارتكب الكبيرة سواء كان كافرا أو لم يكن لإطلاق هذا الاسم وهو يشمل الكافر وغيره ، وقيل : المراد به هنا الكافر لأنه جعل الفساق ضد المهتدين .