في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{رَبِّ هَبۡ لِي حُكۡمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ} (83)

69

ثم يأخذ إبراهيم الأواه المنيب في دعاء رخي مديد ، يتوجه به إلى ربه في إيمان وخشوع ؛

( رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين . واجعل لي لسان صدق في الآخرين . واجعلني من ورثة جنة النعيم . واغفر لأبي إنه كان من الضالين . ولا تخزني يوم يبعثون . يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ) .

والدعاء كله ليس فيه طلب لعرض من أعراض هذه الأرض ؛ ولا حتى صحة البدن . إنه دعاء يتجه إلى آفاق أعلى ؛ تحركه مشاعر أصفى . ودعاء القلب الذي عرف الله فأصبح يحتقر ما عداه . والذي ذاق فهو يطلب المزيد ؛ والذي يرجو ويخاف في حدود ما ذاق وما يريد .

( رب هب لي حكما ) . . أعطني الحكمة التي أعرف بها القيم الصحيحة والقيم الزائفة ، فأبقى على الدرب يصلني بما هو أبقى .

( وألحقني بالصالحين ) . . يقولها إبراهيم النبي الكريم الأواه الحليم . فيا للتواضع ! ويا للتحرج ! ويا للإشفاق من التقصير ! ويا للخوف من تقلب القلوب ! ويا للحرص على مجرد اللحاق بالصالحين ! بتوفيق من ربه إلى العمل الصالح الذي يلحقه بالصالحين !