غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{رَبِّ هَبۡ لِي حُكۡمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ} (83)

69

وحين قدم الثناء شرع في الدعاء تعليماً لأمته إذا أرادوا مسألة فقال { رب هب لي حكماً } وهو إشارة إلى كمال القوة النظرية { وألحقني بالصالحين } وهو إشارة إلى كمال القوة العملية . ولقد أجابه حيث قال { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } وقيل : الحكم النبوة إذ النبي ذو حكمة وذو حكم . بين عباد الله تعالى وزيف بأنه كان حاصلاً فكيف يطلبه ؟ والظاهر أنه أراد بالحكم النسب الذهنية المطابقة للخارجية أعني العلوم النظرية كما بينا . قالت الأشاعرة : في الآية دلالة على مسألة خلق الأعمال ، إنه طلب العلم من الله فلولا أن العلم بخلقه وإلا كان السؤال عبثاً . وحمله المعتزلة على منح الألطاف . قيل : الحكم المطلوب بالدعاء إن كان هو العلم بغير الله لزم أن يكون سائلاً لما يشغله عن الله وهو باطل ، وإن كان العلم بالله بقدر ما هو شرط صحة الإيمان لزم طلب ما هو حاصل لأدنى المؤمنين فضلاً عن إبراهيم ، فإذن هو العلم الزائد على ما هو ضروري في الإيمان وهو الوقوف على حقيقة الذات والصفات ، ثم لا يكشف المقال عنها غير الخيال وبه يصير المؤمن من الواصلين إلى العين دون السامعين إلى الأثر .

/خ122