اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{رَبِّ هَبۡ لِي حُكۡمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ} (83)

قوله تعالى{[37391]} : { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين } . لما حكى عن إبراهيم عليه السلام{[37392]} - ثناءه على الله – تعالى- ذكر{[37393]} بعد ذلك دعاءه ومسألته ، وذلك تنبيه على أن تقديم الثناء على الدعاء من المهمات{[37394]} . فإن قيل : لِمَ لَمْ يقتصر إبراهيم على الثناء ولا سيما يروى عنه أنه قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ؟ .

فالجواب : أنه عليه السلام{[37395]} إنما ذكر ذلك حين اشتغاله بدعوة الخلق إلى الحق لأنه قال : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي إِلاَّ رَبَّ العالمين } [ الشعراء : 77 ] ثم ذكر الثناء ، ثم ذكر الدعاء ، لأن{[37396]} الشارع لا بد له من تعليم الشرع ، فأما حين ( ما ){[37397]} خلا بنفسه ولم يكن غرضه تعلم الشرع اقتصر على قوله : «حسبي من سؤالي علمه بحالي »{[37398]} واعلم أن قوله : { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين } أجابه الله تعالى بقوله { وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين }{[37399]} .

والمراد ب «الحكم » : إدراك الحق والعلم ، لأن النبوة كانت حاصلة له ، وتحصيل الحاصل محال ، وهذا قول مقاتل{[37400]} . وقال ابن عباس : معرفة حدود الله وأحكامه .

وقال الكلبي : النبوّة{[37401]} «وَأَلْحِقْنِي بالصَّالِحِينَ » من قبلي من النبيين في المنزلة والدرجة .


[37391]:تعالى: سقط من ب.
[37392]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[37393]:في ب: ذكره.
[37394]:انظر الفخر الرازي 24/147.
[37395]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[37396]:في النسختين: لما أن. والتصويب من الفخر الرازي.
[37397]:ما: تكملة من الفخر الرازي.
[37398]:انظر الفخر الرازي 24/147.
[37399]:[البقرة: 130]، [النحل: 122]، [العنكبوت: 27]. وانظر الفخر الرازي 24/147.
[37400]:انظر الفخر الرازي 24/147.
[37401]:في ب: والنبوة.