تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَبَٰرَكۡنَا عَلَيۡهِ وَعَلَىٰٓ إِسۡحَٰقَۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحۡسِنٞ وَظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِينٞ} (113)

{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ } أي : أنزلنا عليهما البركة ، التي هي النمو والزيادة في علمهما وعملهما وذريتهما ، فنشر اللّه من ذريتهما ثلاث أمم عظيمة : أمة العرب من ذرية إسماعيل ، وأمة بني إسرائيل ، وأمة الروم من ذرية إسحاق . { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ } أي : منهم الصالح والطالح ، والعادل والظالم الذي تبين ظلمه ، بكفره وشركه ، ولعل هذا من باب دفع الإيهام ، فإنه لما قال : { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وعلى إسحاق } اقتضى ذلك البركة في ذريتهما ، وأن من تمام البركة ، أن تكون الذرية كلهم محسنين ، فأخبر اللّه تعالى أن منهم محسنا وظالما ، واللّه أعلم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَبَٰرَكۡنَا عَلَيۡهِ وَعَلَىٰٓ إِسۡحَٰقَۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحۡسِنٞ وَظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِينٞ} (113)

{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ } بارك الله على إبراهيم وعلى ولده إسحاق بالذكر الحسن وجميل الثناء . وقيل : بارك الله على إبراهيم بكثرة الذرية والولد ، وعلى إسحاق ؛ إذ أخرج أنبياء بني إسرائيل من صلبه .

قوله : { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ } المراد بالمحسن : المؤمن المطيع لله . والظالم لنفسه المبين الذي استبدل الكفر بالإيمان فكان من الخاسرين . والمعنى : أن من ذرية إبراهيم وإسحاق مؤمنين ومجرمين . أما المؤمنون : فهم الذين آمنوا بالله وكتبه ورسله ولم يُفرّقوا بين أحد من رسله بل صدّقوا النبيين المرسلين أجمعين . وأما المجرمون : فهم الفاسقون عن أمر الله ، المخالفون لشرعه ، المشاقّون لمنهج الله ؛ فإنهم لا تنفعهم صلة النسب والقربى بالنبيين . فالمكذّبون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب ، المحادّون لشريعة الإسلام ، الخائنون لعقيدة التوحيد وللمسلمين ، أولئك لا يجديهم أنهم من نسْل إسحاق ويعقوب وداود وسليمان ؛ بل إنهم من الضالين الخاسرين الذين يصلون جهنم مذمومين مدحورين{[3974]}


[3974]:تفسير القرطبي ج 15 ص 99-114 وفتح القدير ج 4 ص 406