تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

{ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } الذي صدر منه ، وأكرمه اللّه بأنواع الكرامات ، فقال : { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى } أي : منزلة عالية ، وقربة منا ، { وَحُسْنَ مَآبٍ } أي : مرجع .

وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام ، لم يذكره اللّه لعدم الحاجة إلى ذكره ، فالتعرض له من باب التكلف ، وإنما الفائدة ما قصه اللّه علينا من لطفه به وتوبته وإنابته ، وأنه ارتفع محله ، فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

واسم الإِشارة في قوله : { فغفرنا له ذلك } إلى ما دلت عليه خصومة الخصمين من تمثيل ما فعله داود بصورة قضية الخصمين ، وهذا من لطائف القرآن إذ طوى القصة التي تمثَّل له فيها الخصمان ثم أشار إلى المطوي باسم الإِشارة ، وأتبع الله الخبر عن الغفران له بما هو أرفع درجة وهو أنه من المقرّبين عند الله المرضيّ عنهم وأنه لم يوقف به عند حد الغفران لا غير . والزلفى : القربى ، وهو مصدر أو اسم مصدر . وتأكيد الخبر لإِزالة توهم أن الله غضب عليه إذ فتنه تنزيلاً لمقام الاستغراب منزلة مقام الإِنكار .

والمئاب : مصدر ميمي بمعنى الأوْب . وهو الرجوع . والمراد به : الرجوع إلى الآخرة . وسمي رجوعاً لأنه رجوع إلى الله ، أي إلى حكمة البحْت ظاهراً وباطناً قال تعالى : { إليه أدعو وإليه مئاب } [ الرعد : 36 ] .

وحسن المئاب : حسن المرجع ، وهو أن يرجع رجوعاً حسناً عند نفسه وفي مرأى الناس ، أي له حسن رجوع عندنا وهو كرامة عند الله يوم الجزاء ، أي الجنة يؤوب إليها .