تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَٰذَا بَصَـٰٓئِرُ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (20)

{ 20 } { هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

أي : { هَذَا } القرآن الكريم والذكر الحكيم { بَصَائِرُ لِلنَّاسِ } أي : يحصل به التبصرة في جميع الأمور للناس فيحصل به الانتفاع للمؤمنين ، والهدى والرحمة .

{ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } فيهتدون به إلى الصراط المستقيم في أصول الدين وفروعه ويحصل به الخير والسرور والسعادة في الدنيا والآخرة وهي الرحمة . فتزكو به نفوسهم وتزداد به عقولهم ويزيد به إيمانهم ويقينهم ، وتقوم به الحجة على من أصر وعاند .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَٰذَا بَصَـٰٓئِرُ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (20)

وقوله تعالى : { هذا بصائر } يريد القرآن . والبصائر جمع بصيرة ، وهي المعتقد الوثيق في الشيء ، كأنه مصدر من إبصار القلب ، فالقرآن فيه بيانات ينبغي أن تكون بصائر . والبصيرة في كلام العرب : الطريقة من الدم ، ومنه قول الشاعر يصف جده في طلق الثأر وتواني غيره : [ الكامل ]

راحوا بصائرهم على أكتافهم . . . وبصيرتي يعدو بها عتد وأي{[10270]}

وفسر الناس هذا البيت بطريقة الدم ، إذ كانت عادة طالب الدم عندهم أن يجعل طريقة من دم خلف ظهره ليعلم بذلك أنه لم يدرك ثأره وأنه يطلبه ، ويظهر فيه أنه يريد بصيرة القلب ، أي قد اطرح هؤلاء بصائرهم وراء ظهورهم{[10271]} .


[10270]:البيت للأسعر الجُعفي، وهو في اللسان(بصر)، والرواية في القرطبي:"جاءوا بصائرهم"، والبصيرة: الثأر، وقيل: البصيرة من الدم ما لم يسل، وقيل: البصيرة: دم البكر، ذكر ذلك كله صاحب اللسان، وروى البيت ثم قال: يعني بالبصائر دم أبيهم، يقول: تركوا دم أبيهم خلفهم ولم يثأروا به وطلبته أنا، وفي الصحاح: وأنا طلبت ثأري، وكان أبو عبيدة يقول: البصيرة في هذا البيت: التُّرس أو الدرع، وكان يرويه: حملوا بصائرهم، وقال ابن الأعرابي: راحوا بصائرهم يعني ثِقل دمائهم على أكتافهم لم يثأروا بها، والبصيرة: الدية، والبصائر: الديات في أول البيت، قال: أخذوا الديات فصارت عارا، وبصيرتي أي ثأري قد حملته على فرسي لأطالب به، فبيني وبينهم فرق"، والعتد بفتح التاء وكسرها-:الفرس التام الخلق السريع الوثبة المُعدّ للجري، ليس فيه اضطراب ولا رخاوة، وقوله:"وأي" بواو مفتوحة بعدها همزة يريد به الفرس السريع المقتدر، وهكذا ضبطه في اللسان وفي الأصمعيات بهمزة مفتوحة دون مد، يقول الشاعر: إنهم تركوا دم أبيهم وجعلوه خلفهم، أي لم يثأروا له، وأنا طلبت ثأري، وقد سبق الاستشهاد بالبيت في سورة الأنعام، راجع الجزء الخامس صفحة(309). هذا وقد ورد اسم الشاعر في اللسان محرفا الأشعر-بالشين المعجمة- والصواب ما ذكرناه هنا، وهو شاعر جاهلي اسمه مِرثد بن أبي حِمران، والأسعر-بالسين- لقب لُقّب به لقوله: فلا يدعني قومي لسعد بن مالك إذا أنا لم أسعر عليهم وأثقب.
[10271]:ما بين العلامتين[.....] سقط من كثير ن النسخ، وهو مثبت في النسخة التونسية.