ثم أخبر أن الأصنام التي يدعونها{[16381]} من دون الله لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون ، كما قال الخليل : { أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [ الصافات : 95 ، 96 ] .
{ والذين تدعون من دون الله } أي والآلهة الذين تعبدونهم من دونه . وقرأ أبو بكر " يدعون " بالياء . وقرأ حفص ثلاثتها بالياء . { لا يخلقون شيئا } لما نفى المشاركة بين من يخلق ومن لا يخلق بين أنهم لا يخلقون شيئا لينتج أنهم لا يشاركونه ، ثم أكد ذلك بأن أثبت لهم صفات تنافى الألوهية فقال : { وهم يُخلقون } لأنهم ذوات ممكنة مفتقرة الوجود إلى التخليق ، والإله ينبغي أن يكون واجب الوجود .
عطف على جملة { أفمن يخلق كمن لا يخلق } [ سورة النحل : 17 ] وجملة { والله يعلم ما تسرون } [ سورة النحل : 19 ] .
وما صدْق { الذين } الأصنامُ . وظاهر أن الخطاب هنا متمحّض للمشركين وهم بعض المخاطبين في الضمائر السابقة .
والمقصود من هذه الجملة التصريح بما استفيد ضمناً مما قبلها وهو نفي الخالقية ونفي العلم عن الأصنام .
فالخبر الأول وهو جملة { لا يخلقون شيئاً } استفيد من جملة { أفمن يخلق كمن لا يخلق } [ سورة النحل : 17 ] وعطف { وهم يخلقون } ارتقاء في الاستدلال على انتفاء إلهيتها .
والخبر الثاني وهو جملة { أموات غير أحياء } تصريح بما استفيد من جملة { والله يعلم ما تسرون وما تعلنون } [ سورة النحل : 19 ] بطريقة نفي الشيء بنفي ملزومه . وهي طريقة الكناية التي هي كذكر الشيء بدليله . فنفي الحياة عن الأصنام في قوله : { غير أحياء } يستلزم نفي العلم عنها لأن الحياة شرط في قبول العلم ، ولأن نفي أن يكونوا يعلمون ما هو من أحوالهم يستلزم انتفاء أن يعلموا أحوال غيرهم بدلالة فحوى الخطاب ، ومن كان هكذا فهو غير إله .
وأسند { يخلقون } إلى النائب لظهور الفاعل من المقام ، أي وهم مخلوقون لله تعالى ، فإنهم من الحجارة التي هي من خلق الله ، ولا يخرجها نحت البشر إيّاها على صور وأشكال عن كون الأصل مخلوقاً لله تعالى . كما قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام قوله : { والله خلقكم وما تعملون } [ سورة الصافات : 96 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.