فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَخۡلُقُونَ شَيۡـٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ} (20)

شرع سبحانه في تحقيق كون الأصنام التي أشار إليها بقوله : { كَمَن لاَ يَخْلُقُ } عاجزة على أن يصدر منها خلق شيء فلا تستحق عبادة فقال : { والذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله } أي : الآلهة الذين يدعوهم الكفار من دون الله سبحانه صفتهم هذه الصفات المذكورة ، وهي أنهم { لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا } من المخلوقات أصلاً ، لا كبيراً ولا صغيراً ، ولا جليلاً ولا حقيراً . { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } أي : وصفتهم أنهم يخلقون ، فكيف يتمكن المخلوق من أن يخلق غيره ؟ ففي هذه الآية زيادة بيان ، لأنه أثبت لهم صفة النقصان بعد أن سلب عنهم صفة الكمال ، بخلاف قوله : { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } فإنه اقتصر على مجرد سلب صفة الكمال . وقراءة الجمهور «والذين تدعون » بالمثناة الفوقية على الخطاب مطابقة لما قبله . وروى أبو بكر عن عاصم ، وروى هبيرة عن حفص { يدعون } بالتحية ، وهي قراءة يعقوب .

/خ26