{ 114 ، 115 } { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
أي : قل يا أيها الرسول { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا } أحاكم إليه ، وأتقيد بأوامره ونواهيه . فإن غير الله محكوم عليه لا حاكم . وكل تدبير وحكم للمخلوق فإنه مشتمل على النقص ، والعيب ، والجور ، وإنما الذي يجب أن يتخذ حاكما ، فهو الله وحده لا شريك له ، الذي له الخلق والأمر .
{ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا } أي : موضَّحا فيه الحلال والحرام ، والأحكام الشرعية ، وأصول الدين وفروعه ، الذي لا بيان فوق بيانه ، ولا برهان أجلى من برهانه ، ولا أحسن منه حكما ولا أقوم قيلا ، لأن أحكامه مشتملة على الحكمة والرحمة .
وأهل الكتب السابقة ، من اليهود والنصارى ، يعترفون بذلك { ويَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } ولهذا ، تواطأت الإخبارات { فَلَا } تشُكَّنَّ في ذلك ولا { تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }
يقول [ الله ]{[11098]} تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين بالله الذين يعبدون غيره : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا } أي : بيني وبينكم ، { وَهُوَ الَّذِي أَنزلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلا } أي : مبينا ، { وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ } أي : من اليهود والنصارى ، { يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنزلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } ، أي : بما عندهم من البشارات بك من الأنبياء المتقدمين ، { فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } كقوله { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } [ يونس : 94 ] ، وهذا شرط ، والشرط لا يقتضي وقوعه ؛ ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا أشك ولا أسأل " .
{ أفغير الله أبتغي حكما } على إرادة القول أي : قل لهم يا محمد أفغير الله أطلب من يحكم بيني وبينكم ويفصل المحق منا من المبطل ، و " غير " مفعول { أبتغي } و{ حكما } حال منه ويحتمل عكسه ، و{ حكما } أبلغ من حاكم ولذلك لا يوصف به غير العادل . { وهو الذي أنزل إليكم الكتاب } القرآن المعجز . { مفصّلا } مبينا فيه الحق والباطل بحيث ينفي التخليط والالتباس . وفيه تنبيه على أن القرآن بإعجازه وتقريره مغن عن سائر الآيات . { والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق } تأييد لدلالة الإعجاز على أن القرآن حق منزل من عند الله سبحانه وتعالى ، يعلم أهل الكتاب به لتصديقه ما عندهم مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يمارس كتبه ولم يخالط علماءهم ، وإنما وصف جميعهم بالعلم لأن أكثرهم يعلمون ومن لم يعلم فهو متمكن منه بأدنى تأمل . وقيل المراد مؤمنون أهل الكتاب . وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم { منزل } بالتشديد . { فلا تكونن من الممترين } في أنهم يعلمون ذلك ، أو في أنه منزل لجحود أكثرهم وكفرهم به ، فيكون من باب التهييج كقوله تعالى : { ولا تكونن من المشركين } أو خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم لخطاب الأمة . وقيل الخطاب لكل أحد على معنى أن الأدلة لما تعاضدت على صحته فلا ينبغي لأحد أن يمتري فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.