وقوله : فَمَا لَهُ مِنْ قُوّةٍ وَلا ناصِرٍ يقول تعالى ذكره : فما للإنسان الكافر يومئذٍ من قوّة يمتنع بها من عذاب الله ، وأليم نكاله ، ولا ناصر ينصره ، فيستنقذه ممن ناله بمكروه ، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوّة من عشيرته ، يمتنع بهم ممن أراده بسوء ، وناصر من حليف ينصره على من ظلمه واضطهده . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَمَا لَهُ مِنْ قُوّةٍ وَلا ناصِر ينصره من الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَلا ناصِرٍ قال : من قوّة يمتنع بها ، ولا ناصر ينصره من الله .
حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا ضَمْرة بن ربيعة ، عن سفيان الثوريّ ، في قوله : مِنْ قُوّةٍ وَلا ناصِرٍ قال : القوّة : العشيرة ، والناصر : الحليف .
و { تبلى السرائر } معناه : تختبر وتكشف بواطنها ، وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن { السرائر } التي يبتليها الله تعالى من العباد : التوحيد والصلاة والزكاة والغسل من الجنابة . وصوم رمضان{[11739]} .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذه عظم الأمر . وقال أبو قتادة : الوجه في الآية العموم في جميع السرائر ، وليس يمتنع في الدنيا من المكاره إلا بأحد وجهين : إما بقوة في ذات الإنسان وإما بناصر خارج عن ذاته ، فأخبر الله تعالى عن الإنسان أنه يعدمهما يوم القيامة فلا يعصمه من أمر الله تعالى شيء .
ولما كان بلو السرائر مؤذناً بأن الله عليم بما يستره الناس من الجرائم وكان قوله : { يوم تبلى السرائر } مشعراً بالمؤاخذة على العقائد الباطلة والأعمال الشنيعة فرع عليه قوله : { فما له من قوة ولا ناصر } ، فالضمير عائد إلى { الإنسان } [ الطارق : 5 ] . والمقصود ، المشركون من الناس لأنهم المسوق لأجلهم هذا التهديد ، أي فما للإِنسان المشرك من قوة يدفع بها عن نفسه وما له من ناصر يدافع عنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.