تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيۡهِ أَبَوَيۡهِ وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ} (99)

{ 99 - 100 } { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }

أي : { فَلَمَّا } تجهز يعقوب وأولاده وأهلهم أجمعون ، وارتحلوا من بلادهم قاصدين الوصول إلى يوسف في مصر وسكناها ، فلما وصلوا إليه ، و { دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } أي : ضمهما إليه ، واختصهما بقربه ، وأبدى لهما من البر والإكرام{[449]}  والتبجيل والإعظام شيئا عظيما ، { وَقَالَ } لجميع أهله : { ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ } من جميع المكاره والمخاوف ، فدخلوا في هذه الحال السارة ، وزال عنهم النصب ونكد المعيشة ، وحصل السرور والبهجة .


[449]:- في ب: والإحسان.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيۡهِ أَبَوَيۡهِ وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ} (99)

يخبر تعالى عن ورود يعقوب ، عليه السلام ، على يوسف ، عليه السلام ، وقدومه بلاد{[15295]} مصر ، لما كان يوسف قد تقدم إلى إخوته أن يأتوه بأهلهم أجمعين ، فتحملوا عن آخرهم وترحلوا من بلاد كنعان قاصدين بلاد{[15296]} مصر ، فلما أخبر يوسف ، عليه السلام ، باقترابهم خرج لتلقيهم ، وأمر [ الملك ]{[15297]} أمراءه وأكابر الناس بالخروج [ مع يوسف ]{[15298]} لتلقي نبي الله يعقوب ، عليه السلام ، ويقال : إن الملك خرج أيضا لتلقيه ، وهو الأشبه .

وقد أشكل قوله : { آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ } على كثير{[15299]} من المفسرين ، فقال بعضهم : هذا من المقدم والمؤخر ، ومعنى الكلام : { وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ } وآوى إليه أبويه ، ورفعهما على العرش .

وقد رد ابن جرير هذا . وأجاد في ذلك . ثم اختار ما حكاه عن السٌّدِّي : أن يوسف آوى إليه أبويه لما تلقاهما ، ثم لما وصلوا باب البلد قال : { ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ }

وفي هذا نظر أيضا ؛ لأن الإيواء إنما يكون في المنزل ، كقوله : { آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ } وفي الحديث : " من أوى محدثا " وما المانع أن يكون قال لهم بعدما دخلوا عليه وآواهم إليه : { ادْخُلُوا مِصْرَ } وضمَّنه : اسكنوا مصر { إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ } أي : مما كنتم فيه من الجهد والقحط ، ويقال - والله أعلم - : إن الله تعالى رفع عن أهل مصر بقية السنين المجدبة ببركة قدوم يعقوب عليهم ، كما رفع بقية السنين التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل مكة حين قال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " ، ثم لما تضرعوا إليه واستشفعوا لديه ، وأرسلوا أبا سفيان في ذلك ، فدعا لهم ، فَرُفِعَ عنهم بقية ذلك ببركة دعائه ، عليه السلام{[15300]} .

وقوله : { آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } قال السدي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما كان أباه{[15301]} وخالته ، وكانت أمه قد ماتت قديما .

وقال محمد بن إسحاق وابن جرير : كان أبوه وأمه يعيشان .

قال ابن جرير : ولم يقم دليل على موت أمه ، وظاهر القرآن يدل على حياتها . وهذا الذي نصره هو المنصور الذي يدل عليه السياق .


[15295]:- في أ : "على".
[15296]:- في ت ، أ : "ديار".
[15297]:- زيادة من ت ، أ.
[15298]:- زيادة من ت ، أ.
[15299]:- في ت : "كثيرين".
[15300]:- رواه البخاري في صحيحه برقم (1007) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
[15301]:- في ت : "أبوه".