الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيۡهِ أَبَوَيۡهِ وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ} (99)

{ فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ } قيل وجه يوسف إلى أبيه جهازاً ومائتي راحلة ليتجهز إليه بمن معه . وخرج يوسف والملك في أربعة آلاف من الجند والعظماء وأهل مصر بأجمعهم ، فتلقوا يعقوب وهو يمشي يتوكأ على يهوذا ، فنظر إلى الخيل والناس فقال : يا يهوذا ، أهذا فرعون مصر ؟ قال لا ، هذا ولدك ، فلما لقيه قال يعقوب عليه السلام : السلام عليك يا مذهب الأحزان . وقيل : إن يوسف قال له لما التقيا : يا أبت ، بكيت عليّ حتى ذهب بصرك ، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا ؟ فقال : بلى ، ولكن خشيت أن تسلب دينك فيحال بيني وبينك ، وقيل : إنّ يعقوب وولده دخلوا مصر وهم اثنان وسبعون ، ما بين رجل وامرأة ، وخرجوا منها مع موسى ومقاتلتهم ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعون رجلاً سوى الذرية والهرمى ، وكانت الذرّية ألف ألف ومائتي ألف { أَوَى إِلَيْه أَبَوَيْهِ } ضمهما إليه واعتنقهما . قال ابن أبي إسحاق : كانت أمّه تحيى ، وقيل : هما أبوه وخالته . ماتت أمّه فتزوّجها وجعلها أحد الأبوين ؛ لأنّ الرابة تدعى أمّاً ، لقيامها مقام الأمّ ، أو لأنّ الخالة أمّ كما أنّ العم أب . ومنه قوله : { وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } [ البقرة : 133 ]

فإن قلت : ما معنى دخولهم عليه قبل دخولهم مصر ؟ قلت : كأنه حين استقبلهم نزل لهم في مضرب أو بيت ثم ، فدخلوا عليه وضمّ إليه أبويه ، ثم قال لهم { ادخلوا مِصْرَ إِن شَآءَ الله ءَامِنِينَ } .