التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيۡهِ أَبَوَيۡهِ وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ} (99)

ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد ، فقد كانت هناك مفاجآت وبشارات أخرى تحققت معها رؤيا يوسف وهو صغير ، كما تحقق معها تأويل يعقوب لها فقد هاجر يعقوب ببنيه وأهله إلى مصر للقاء ابنه يوسف ، وهناك اجتمع شملهم واستمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى ذلك في نهاية القصة فيقول :

{ فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ . . . } .

وقوله - سبحانه - { فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ . . . } معطوف على كلام محذوف والتقدير :

استجاب إخوة يوسف لقوله لهم : { اذهبوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } فأتوا بأهلهم أجمعين ، حيث رحلوا جميعاً من بلادهم إلى مصر ومعهم أبوهم ، فلما وصلوا إليها ودخلوا على يوسف ، ضم إليه أبويه وعانقهما عناقاً حاراًَ .

وقال للجميع { دَخَلُواْ } بلاد { مِصْرَ إِن شَآءَ الله آمِنِينَ } من الجوع والخوف .

وقد ذكر المفسرون هنا كلاماً يدل على أن يوسف - عليه السلام - وحاشيته ووجهاء مصر ، عندما بلغهم قدوم يعقوب بأسرته إلى مصر ، خرجوا جميعاً لاستقبالهم كما ذكروا أن المراد بأبويه : أبوه وخالته ، لأن أمه ماتت وهو صغير .

إلا أن ابن كثير قال : " قال محمد بن إسحاق وابن جرير : كان أبوه وأمه يعيشان ، وأنه لم يقم دليل على موت أمه ، وظاهر القرآن يدل على حياتها " .

ثم قال : " وهذا الذي ذكره ابن جرير ، هو الذي يدل عليه السياق " .

والمراد بدخول مصر : الاستقرار بها ، والسكن في ربوعها .

قالوا : وكان عدد أفراد أسرة يعقوب الذين حضروا معه ليقيموا في مصر ما بين الثمانين والتسعين .