تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (30)

و { ذَلِكَ } الذي بين لكم من عظمته وصفاته ، ما بيَّن { بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ } في ذاته وفي صفاته ، ودينه حق ، ورسله حق ، ووعده حق ، ووعيده حق ، وعبادته هي الحق .

{ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ } في ذاته وصفاته ، فلولا إيجاد اللّه له لما وجد ، ولولا إمداده لَمَا بَقِيَ ، فإذا كان باطلا ، كانت عبادته أبطل وأبطل .

{ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ } بذاته ، فوق جميع مخلوقاته ، الذي علت صفاته ، أن يقاس بها صفات أحد من الخلق ، وعلا على الخلق فقهرهم { الْكَبِيرُ } الذي له الكبرياء في ذاته وصفاته ، وله الكبرياء في قلوب أهل السماء والأرض .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (30)

" ذلك " أي فعل الله تعالى ذلك لتعلموا وتقروا " بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل " أي الشيطان ، قاله مجاهد . وقيل : ما أشركوا به الله تعالى من الأصنام والأوثان . " وأن الله هو العلي الكبير " العلي في مكانته ، الكبير في سلطانه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (30)

ولما ثبت{[54219]} بهذه الأوصاف الحسنى والأفعال العلى أنه لا موجد بالحقيقة إلا الله قال : { ذلك } أي ذكره لما من الأفعال الهائلة والأوصاف{[54220]} الباهرة { بأن } أي{[54221]} بسبب أن { الله } أي{[54222]} الذي لا عظيم سواه { هو } وحده { الحق } أي الثابت بالحقيقة وثبوت غيره في الواقع عدم ، لأنه مستفاد من الغير ، وليس له الثبوت من ذاته{[54223]} ، ومنه ما أشركوا به ، ولذلك أفرده بالنص ، فقال صارفاً للخطاب الماضي إلى الغيبة على قراءة البصريين{[54224]} وحمزة وحفص عن عاصم إيذاناً بالغضب ، وقراءة الباقين على الأسلوب الماضي { وأنَّ ما يدعون } أي هؤلاء المختوم على مداركهم ، وأشار إلى سفول رتبتهم بقوله : { من دونه } .

ولما تقدمت الأدلة الكثيرة على بطلان آلهتهم بما لا مزيد عليه ، كقوله { هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه } {[54225]}وأكثر هنا من إظهار الجلالة موضع الإضمار تنبيهاً على عظيم المقام{[54226]} لم تدع حاجة إلى التأكيد بضمير الفصل فقال : { الباطل } أي العدم حقاً ، لا يستحق أن تضاف إليه الإلهية بوجه من الوجوه ، وإلا لمنع من{[54227]} شيء من هذه الأفعال مرة من المرات ، فلما وجدت على هذا النظام علم أنه الواحد الذي لا مكافئ له .

ولما كانوا يعلونها عن مراتبها ويكبرونها بغير حق ، قال : { وأن الله } أي الملك الأعظم{[54228]} وحده ، ولما كان النيران مما عبد من دون الله ، وكانا قد جمعاً {[54229]}علواً وكبراً{[54230]} ، وكان ليس لهما من ذاتهما{[54231]} إلا العدم فضلاً عن السفول والصغر ، ختم بقوله : { هو العلي الكبير } أي عن أن يداينه في عليائه ضد ، أو يباريه{[54232]} في كبريائه ند .


[54219]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أثبت.
[54220]:من مد، وفي الأصل وظ وم: الإفاضات.
[54221]:زيد من ظ وم ومد.
[54222]:زيد من ظ وم ومد.
[54223]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: دابه.
[54224]:راجع نثر المرجان 5/340.
[54225]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54226]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54227]:زيد من ظ وم ومد.
[54228]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54229]:من مد، وفي الأصل وظ وم: كبرا وعلوا.
[54230]:من مد، وفي الأصل وظ وم: كبرا وعلوا.
[54231]:في ظ: ذاتهم.
[54232]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: يقاربه.