تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

{ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } أي : لا يتبع إلا ما أوحى الله إليه من الهدى والتقوى ، في نفسه وفي غيره .

ودل هذا على أن السنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : { وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه ، لأن كلامه لا يصدر عن هوى ، وإنما يصدر عن وحي يوحى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

إن هو إلا وحي يوحى . وهو يبلغكم ما يوحى إليه صادقا أمينا .

هذا الوحي معروف حامله . مستيقن طريقه . مشهودة رحلته . رآه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] رأي العين والقلب ، فلم يكن واهما ولا مخدوعا :

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ} (4)

استئناف بياني لجملة { وما ينطق عن الهوى } [ النجم : 3 ] .

وضمير { هو } عائد إلى المنطوق به المأخوذ من فعل { ينطق } كما في قوله تعالى : { اعدلوا هو أقرب للتقوى } [ المائدة : 8 ] أي العدل المأخوذ من فعل { اعْدلوا } .

ويجوز أن يعود الضمير إلى معلوم من سياق الرد عليهم لأنهم زعموا في أقوالهم المردودة بقوله : { ما ضل صاحبكم وما غوى } [ النجم : 2 ] زعموا القرآن سحراً ، أو شعراً ، أو كهانة ، أو أساطير الأوّلين ، أو إفكاً افتراه .

وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم ينطق بغير القرآن عن وحي كما في حديث الحديبية في جوابه للذي سأله : ما يفعل المعتمر ؟ وكقوله : " إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها " ومثل جميع الأحاديث القدسية التي فيها قال الله تعالى ونحوه .

وفي « سنن أبي داود » و « الترمذي » من حديث المقدام بن معد يكرب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته ، يقول : عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحِلُّوه وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه " . وقد ينطق عن اجتهاد كأمره بكسر القدور التي طبخت فيها الحُمُر الأهلية فقيل له : أو نُهريقها ونغسلها ؟ فقال : « أو ذاك » .

فهذه الآية بمعزل عن إيرادها في الاحتجاج لجواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم لأنها كان نزولها في أول أمر الإِسلام وإن كان الأصح أن يجوز له الاجتهاد وأنه وقع منه وهي من مسائل أصول الفقه .

والوحي تقدم عند قوله تعالى : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح } في سورة النساء { 163 } . وجملة { يوحى } مؤكدة لجملة { إن هو إلا وحى } مع دلالة المضارع على أن ما ينطق به متجدد وحيه غير منقطع .

ومتعلِّق { يوحى } محذوف تقديره : إليه ، أي إلى صاحبكم .

وتُرك فاعل الوحي لضرب من الإِجمال الذي يعقبه التفصيل لأنه سيرد بعده ما يبينه من قوله : { فأوحى إلى عبده ما أوحى } .