تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَكَفَىٰ بِهِۦٓ إِثۡمٗا مُّبِينًا} (50)

قال تعالى : { انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ } أي : بتزكيتهم أنفسهم ، لأن هذا من أعظم الافتراء على الله . لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم الإخبار بأن الله جعل ما هم عليه حقا وما عليه المؤمنون المسلمون باطلا . وهذا أعظم الكذب وقلب الحقائق بجعل الحق باطلا ، والباطلِ حقًّا . ولهذا قال : { وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا } أي : ظاهرا بينا موجبا للعقوبة البليغة والعذاب الأليم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَكَفَىٰ بِهِۦٓ إِثۡمٗا مُّبِينًا} (50)

44

والله - سبحانه - يشهد على اليهود أنهم - إذ يزكون أنفسهم ويدعون أن الله راض عنهم - يفترون عليه الكذب . ويشنع بفعلتهم هذه ، ويوجه الأنظار إلى بشاعتها :

( انظر . كيف يفترون على الله الكذب . وكفى به إثما مبينا ! )

وما أرى أننا - الذين ندعي الإسلام لأننا نحمل أسماء المسلمين ، ونعيش في أرض كان يسكنها المسلمون ! بينما نحن لا نجعل الإسلام في شيء من منهجنا في الحياة . . ما أحسبنا ونحن ندعي الإسلام ، فنشوه الإسلام بصورتنا وواقعنا ؛ ونؤدي ضده شهادة منفرة منه ! ثم ونحن ندعي أن الله مختار لنا لأننا أمة محمد [ ص ] بينما دين محمد ومنهجه مطرود من واقع حياتنا طردا . . ما أحسبنا إلا في مثل هذا الموضع ، الذي يعجب الله - سبحانه - منه رسوله [ ص ] ويدمغ أصحابه بافتراء الكذب على الله ، وارتكاب هذا الإثم المبين ! والعياذ بالله !

إن دين الله منهج حياة . وطاعة الله هي تحكيم هذا المنهج في الحياة . والقرب من الله لا يكون إلا بطاعته . . فلننظر أين نحن من الله ودينه ومنهجه . ثم لننظر أين نحن من حال هؤلاء اليهود ، الذين يعجب الله من حالهم ، ويدمغهم بإثم الافتراء عليه في تزكيتهم لأنفسهم ! فالقاعدة هي القاعدة . والحال هي الحال . وليس لأحد عند الله نسب ولا صهر ولا محاباة ! ! !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَكَفَىٰ بِهِۦٓ إِثۡمٗا مُّبِينًا} (50)

وقوله : { انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ } أي : في تزكيتهم أنفسهم ودعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه وقولهم : { لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } [ البقرة : 111 ] وقولهم : { لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] واتكالهم{[7741]} على أعمال آبائهم الصالحة ، وقد حكم الله أن أعمال الآباء لا تجزي عن الأبناء شيئا ، في قوله : { تِلْكَ أُمَةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ [ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ]{[7742]} } [ البقرة : 141 ] .

ثم قال : { وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا } أي : وكفى بصنعهم{[7743]} هذا كذبا وافتراء ظاهرا .


[7741]:في أ: "تميزهم باتكالهم".
[7742]:زيادة من ر، أ.
[7743]:في د: "بصنيعهم".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَكَفَىٰ بِهِۦٓ إِثۡمٗا مُّبِينًا} (50)

وقوله تعالى : { انظر كيف يفترون } الآية ، يبين أن تزكيتهم أنفسهم كانت بالباطل والكذب ، ويقوي أن التزكية كانت بقولهم { نحن أبناء الله وأحباؤه } [ المائدة : 18 ] إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن و { كيف } يصح أن يكون في موضع نصب ب { يفترون } ، ويصح أن تكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر في قوله : { يفترون }{[4103]} و { وكفى به إثماً مبيناً } خبر في مضمنه تعجب وتعجيب من الأمر ، ولذلك دخلت الباء لتدل على معنى الأمر بالتعجب ، وأن يكتفى لهم بهذا الكذب إثماً ولا يطلب لهم غيره ، إذ هو موبق ومهلك و { إثماً } نصب على التمييز .


[4103]:- قال أبو حيان في "البحر المحيط": "وأما قوله: يصح أن يكون في موضع رفع بالابتداء، والخبر في قوله: [يفترون]، فهذا لم يذهب إليه أحد، لأن (كيف) ليست من الأسماء التي يجوز الابتداء بها". راجع بقية كلامه 3/ 270.