تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (77)

{ أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم ، وزعموا أنهم بإسرارهم لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين ، فإن هذا غلط منهم وجهل كبير ، فإن الله يعلم سرهم وعلنهم ، فيظهر لعباده ما أنتم عليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوَلَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (77)

75

ومن ثم يعجب السياق من تصورهم هذا قبل أن يمضي في استعراض ما يقولون وما يفعلون :

( أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ؟ ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوَلَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (77)

يقول الله تعالى : { أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس : يعني المنافقين من اليهود كانوا إذا لقوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : آمنا .

وقال السدي : هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا . وكذا قال الربيع بن أنس ، وقتادة وغير واحد من السلف والخلف ، حتى قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، فيما رواه ابن وهب عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : " لا يدخلن{[2032]} علينا قصبة المدينة إلا مؤمن " . فقال رؤساؤهم{[2033]} من أهل الكفر والنفاق : اذهبوا فقولوا : آمنا ، واكفروا إذا رجعتم إلينا ، فكانوا يأتون المدينة بالبُكَر ، ويرجعون إليهم بعد العصر . وقرأ قول الله تعالى : { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ آل عمران : 72 ]

وكانوا يقولون ، إذا دخلوا المدينة : نحن مسلمون . ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره . فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر . فلما أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون . وكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون{[2034]} فيقولون : أليس قد قال الله لكم كذا وكذا ؟ فيقولون : بلى . فإذا رجعوا إلى قومهم [ يعني الرؤساء ]{[2035]} قالوا : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } الآية{[2036]} .

وقال أبو العالية : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } يعني : بما أنزل الله عليكم في كتابكم من نعت{[2037]} محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن قتادة : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } قال : كانوا يقولون : سيكون نبي . فخلا بعضهم ببعض{[2038]} فقالوا : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ }{[2039]} .

قول آخر في المراد بالفتح : قال ابن جُرَيج : حدثني القاسم بن أبي بَزَّة ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم ، فقال : " يا إخوان{[2040]} القردة والخنازير ، ويا عبدة الطاغوت " ، فقالوا : من أخبر بهذا{[2041]} الأمر محمدًا ؟ ما خرج هذا القول{[2042]} إلا منكم { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } بما حكم الله ، للفتح ، ليكون لهم حجة عليكم . قال ابن جريج ، عن مجاهد : هذا حين أرسل إليهم عليا{[2043]} فآذوا محمدًا صلى الله عليه وسلم .

وقال السدي : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } من العذاب { لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا وكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عُذِّبوا به . فقال بعضهم لبعض : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } من العذاب ، ليقولوا : نحن أحب إلى الله منكم ، وأكرم على الله منكم .

وقال عطاء الخراساني : { أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } يعني : بما قضى [ الله ]{[2044]} لكم وعليكم .

وقال الحسن البصري : هؤلاء اليهود ، كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا : آمنا ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض ، قال بعضهم : لا تحدثوا أصحاب محمد بما فتح الله عليكم مما في كتابكم ، فيحاجوكم{[2045]} به عند ربكم ، فيخصموكم .

وقوله : { أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } قال أبو العالية : يعني ما أسروا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به ، وهو{[2046]} يجدونه مكتوبًا عندهم . وكذا قال قتادة .

وقال الحسن : { أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } قال : كان ما أسروا أنهم كانوا إذا تولوا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وخلا بعضهم إلى بعض ، تناهوا أن يخبر أحد{[2047]} منهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما فتح الله عليهم مما في كتابهم ، خشيةَ أن يحاجهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما في كتابهم عند {[2048]} ربهم . { وَمَا يُعْلِنُونَ } يعني : حين قالوا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : آمنا . وكذا قال أبو العالية ، والربيع ، وقتادة .


[2032]:في جـ: "لا يدخل".
[2033]:في جـ: "فقال رؤسائهم" وهو خطأ.
[2034]:في جـ: "أنهم يؤمنون".
[2035]:زيادة من جـ، ب، أ، و.
[2036]:رواه الطبري في تفسيره (2/254) عن يونس عن ابن وهب به.
[2037]:في أ: "من بعث".
[2038]:في جـ، ط، ب: "فخلا بعضهم ببعض".
[2039]:تفسير عبد الرزاق (1/71).
[2040]:في جـ: "أيا إخوان".
[2041]:في جـ، ط، ب: "من أخبر هذا".
[2042]:في أ، و: "هذا الأمر".
[2043]:في جـ: "حين أرسل عليًّا إليهم".
[2044]:زيادة من جـ، أ.
[2045]:في جـ، ط، ب: "ليحاجوكم".
[2046]:في جـ، ط، ب، أ، و: "وهم".
[2047]:في جـ: "يخبروا واحدًا"، وفي أ: "يخبروا أحد".
[2048]:في جـ: "وعند".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوَلَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (77)

{ أو لا يعلمون } يعني هؤلاء المنافقين ، أو اللائمين ، أو كليهما ، أو إياهم والمحرفين { أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون } ومن جملتهما إسرارهم الكفر وإعلانهم الإيمان ، وإخفاء ما فتح الله عليهم ، وإظهار غيره ، وتحريف الكلم عن مواضعه ومعانيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوَلَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (77)

{ أولا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } ( 77 )

وقرأ الجمهور » أولا يعلمون «بالياء من أسفل ، وقرأ ابن محيصن » أولا تعلمون «بالتاء خطاباً للمؤمنين ، والذي أسروه كفرهم ، والذي أعلنوه قولهم آمنا ، هذا في سائر اليهود ، والذي أسره الأحبار صفة محمد صلى الله عليه وسلم والمعرفة به ، والذي أعلنوه الجحد به ، ولفظ الآية يعم الجميع .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَوَلَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (77)

قوله : { أو لا يعلمون } الآية ، الاستفهام فيه على غير حقيقته فهو إما مجاز في التقرير أي ليسوا يعلمون ذلك والمراد التقرير بلازمه وهو أنه إن كان الله يعلمه فقد علمه رسوله وهذا لزوم عرفي ادعائي في المقام الخطابي أو مجاز في التوبيخ والمعنى هو هو ، أو مجاز في التحضيض أي هل كان وجود أسرار دينهم في القرآن موجباً لعلمهم أن الله يعلم ما يسرون والمراد لازم ذلك أي يعلمون أنه منزل عن الله أي هلا كان ذلك دليلاً على صدق الرسول عوض عن أن يكون موجباً لتهمة قومهم الذين تحققوا صدقهم في اليهودية ، وهذا الوجه هو الظاهر لي ويرجحه التعبير بيعلمون بالمضارع دون علموا . وموقع الاستفهام مع حرف العطف في قوله : { أفلا تعقلون } وقوله : { أو لا يعلمون } سيأتي على نظائره وخلاف علماء العربية فيه عند قوله تعالى : { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم } [ البقرة : 87 ] .