الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَوَلَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (77)

قوله تعالى : { أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ } . . تقدَّم أنَّ مذهبَ الجمهورِ أنَّ النيةَ بالواوِ التقديمُ على الهمزةِ لأنَّها عاطفةٌ ، وإنما أُخِّرَتْ عنها لقوةِ همزةِ الاستفهام ، وأنَّ مذهبَ الزمخشري تقديرُ فِعْلٍ بعدَ الهمزةِ ، ولا للنفي . و { أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ } يجوزُ أن تكونَ في محلِّ نصبٍ ، وفيها حينئذٍ تقديران ، أحدُهما أنَّها سادَّةٌ مسَدَّ مفردٍ إن جَعَلْنَا عَلِمَ بمعنى عَرَف ، والثاني : أنها سادةٌ مَسَدَّ مفعولَيْن إنْ جَعَلْنَاها متعديةً لاثنين كظنَنْتُ ، وقد تقدَّم أنَّ هذا مذهبُ سيبويهِ والجمهور ، وأنَّ الأخفشَ يَدَّعي أنها سَدَّتْ مَسَدَّ الأول والثاني محذوفٌ ، و " ما " يجوز أن تكونَ بمعنى الذي وعائدُها محذوف ، أي : ما يُسِرُّونه ويُعْلِنُونه ، وأن تكونَ مصدريةً أي : يعلم سِرَّهم وعَلَنَهم ، والسِرُّ والعلانِيَةُ متقابِلان .