{ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ْ } ما أمرناكم بها ، ولا دعوناكم لذلك ، وإنما عبدتم من دعاكم إلى ذلك ، وهو الشيطان كما قال تعالى : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ْ } .
وقال : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ْ }
فالملائكة الكرام والأنبياء والأولياء ونحوهم يتبرؤون ممن عبدهم يوم القيامة ويتنصلون من دعائهم إياهم إلى عبادتهم وهم الصادقون البارون في ذلك ، فحينئذ يتحسر المشركون حسرة لا يمكن وصفها ، ويعلمون مقدار ما قدموا من الأعمال ، وما أسلفوا من رديء الخصال ، ويتبين لهم يومئذ أنهم كانوا كاذبين ، وأنهم مفترون على الله ، قد ضلت عبادتهم ، واضمحلت معبوداتهم ، وتقطعت بهم الأسباب والوسائل .
وقال في هذه الآية إخبارًا عن قول الشركاء فيما راجعوا فيه عابديهم عند ادعائهم عبادتهم : { فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } أي : ما كنا نشعر بها ولا نعلم ، وإنما أنتم كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم ، والله شهيد بيننا وبينكم أنا ما دعوناكم إلى عبادتنا ، ولا أمرناكم بها ، ولا رضينا منكم بذلك .
وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ، ممن لا يسمع ولا يبصر ، ولا يغني عنهم شيئًا ، ولم يأمرهم بذلك ولا رضي به ولا أراده ، بل تبرأ منهم في وقت أحوج ما يكونون إليه ، وقد تركوا{[14212]} عبادة الحي القيوم ، السميع البصير ، القادر على كل شيء ، العليم بكل شيء وقد أرسل رسله وأنزل كتبه ، آمرا بعبادته وحده لا شريك له ، ناهيًا عن عبادة ما سواه ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ } [ النحل : 36 ] ، وقال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [ الأنبياء : 25 ] {[14213]} ، وقال : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [ الزخرف : 45 ] .
والمشركون أنواع وأقسام كثيرون ، قد ذكرهم الله في كتابه ، وبَيّن أحوالهم وأقوالهم ، ورَد عليهم فيما هم فيه أتم رد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.