اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ إِن كُنَّا عَنۡ عِبَادَتِكُمۡ لَغَٰفِلِينَ} (29)

{ فكفى بالله شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } ، وبقولهم : { إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } ، ومن النَّاس من أجْرَى الآية على ظاهرها ، وقالوا : إنَّ الشُّركاء أخبروا أنَّ الكفار ما عبدوها لوجوه :

الأول : أنَّ ذلك الموقف موقفُ دهشة وحيرة ، فذلك الكذبُ جارٍ مجرى كذب الصبيان ، والمجانين والمدهوشين .

الثاني : أنَّهم ما أقامُوا لأعمال الكُفَّار وزناً ، وجعلوها لبطلانها كالعدم ، فلهذا قالوا : ما عبدونا .

الثالث : أنهم تخيَّلوا في الأصنام التي عبدوها صفات كثيرة ، فهم في الحقيقة إنَّما عبدوا ذواتاً موصوفة بتلك الصفات ، ولمَّا كانت ذواتها خالية عن تلك الصفات ، فهم ما عبدوها ، وإنما عبدوا أموراً تخيَّلُوها ولا وجود لها في الأعيان ، وتلك الصِّفات التي تخيَّلوها في الأصنام : أنها تضرُّ ، وتنفع ، وتشفع عند الله .