تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (60)

{ الحق من ربك } أي : هذا الذي أخبرناك به من شأن المسيح عليه السلام هو الحق الذي في أعلى رتب الصدق ، لكونه من ربك الذي من جملة تربيته الخاصة لك ولأمتك أن قص عليكم ما قص من أخبار الأنبياء عليهم السلام . { فلا تكن من الممترين } أي : الشاكين في شيء مما أخبرك به ربك ، وفي هذه الآية وما بعدها دليل على قاعدة شريفة وهو أن ما قامت الأدلة على أنه حق وجزم به العبد من مسائل العقائد وغيرها ، فإنه يجب أن يجزم بأن كل ما عارضه فهو باطل ، وكل شبهة تورد عليه فهي فاسدة ، سواء قدر العبد على حلها أم لا ، فلا يوجب له عجزه عن حلها القدح فيما علمه ، لأن ما خالف الحق فهو باطل ، قال تعالى { فماذا بعد الحق إلا الضلال } وبهذه القاعدة الشرعية تنحل عن الإنسان إشكالات كثيرة يوردها المتكلمون ويرتبها المنطقيون ، إن حلها الإنسان فهو تبرع منه ، وإلا فوظيفته أن يبين الحق بأدلته ويدعو إليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (60)

33

وعندما يصل السياق بالقضية إلى هذا التقرير الواضح يتجه إلى الرسول [ ص ] يثبته على الحق الذي معه ، والذي يتلى عليه ، ويؤكده في حسه ؛ كما يؤكده في حس من حوله من المسلمين ، الذين ربما تؤثر في بعضهم شبهات أهل الكتاب ، وتلبيسهم وتضليلهم الخبيث :

( الحق من ربك فلا تكن من الممترين ) . .

وما كان الرسول [ ص ] ممتريا ولا شاكا فيما يتلوه عليه ربه ، في لحظة من لحظات حياته . . وإنما هو التثبيت على الحق ، ندرك منه مدى ما كان يبلغه كيد أعداء الجماعة المسلمة من بعض أفرادها في ذلك الحين . كما ندرك منه مدى ما تتعرض له الأمة المسلمة في كل جيل من هذا الكيد ؛ وضرورة تثبيتها على الحق الذي معها في وجه الكائدين والخادعين ؛ ولهم في كل جيل أسلوب من أساليب الكيد جديد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (60)

أي : هذا القول هو الحق في عيسى ، الذي لا محيد عنه ولا صحيح{[5094]} سواه ، وماذا بعد الحق إلا الضلال .


[5094]:في أ: "والصحيح".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (60)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ الْحَقّ مِن رّبّكَ فَلاَ تَكُنْ مّن الْمُمْتَرِينَ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : الذي أنبأتك به من خبر عيسى ، وأن مثله كمثل آدم خلقه من تراب . ثم قال له ربه : كن هو الحقّ من ربك ، يقول : هو الخبر الذي هو من عند ربك¹ { فَلاَ تَكُنْ مِنَ المُمْترينَ } يعني : فلا تكن من الشاكين في أن ذلك كذلك . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { الحَقّ مِنْ رَبّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ } يعني فلا تكن في شكّ من عيسى أنه كمثل آدم عبد الله ورسوله ، وكلمة الله وروحه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : { الحَقّ مِنْ رَبّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ } يقول : فلا تكن في شكّ مما قصصنا عليك أن عيسى عبد الله ورسوله وكلمة منه وروح ، وأن مثله عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : { الحَقّ مِنْ رَبّكَ } ما جاءك من الخبر عن عيسى ، { فَلا تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ } : أي قد جاءك الحقّ من ربك فلا تمتر فيه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { فَلاَ تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ } قال : والممترون : الشاكون .

والمرية والشكّ والريب واحد سواء كهيئة ما تقول : أعطني وناولني وهلمّ ، فهذا مختلف في الكلام وهو واحد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (60)

{ الحق من ربك } خبر محذوف أي هو الحق ، وقيل { الحق } مبتدأ و{ من ربك } خبره أي الحق المذكور من الله تعالى . { فلا تكن من الممترين } خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم على طريقة التهييج لزيادة الثبات أو لكل سامع .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (60)

قوله : { الحق من ربك } خبر مبتدأ محذوف : أي هذا الحق . ومن ربك حال من الحق . والخطاب في { فلا تكن من الممترين } للنبيء صلى الله عليه وسلم والمقصود التعريض بغيره ، والمعرَّض بهم هنا هم النصارى الممترُون الذين امتروا في الإلاهية بسبب تحقق أن لاَ أبَ لِعيسى .