الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (60)

قولُه تعالى : { الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } : يجوز أَنْ تكونَ هذه جملةً مستقلةً برأسِها ، والمعنى : أنَّ الحقَّ الثابتَ الذي لا يضمحل هو من ربك ، ومن جملةِ ما جاء مِنْ ربك قصةُ عيسى وأمِّه فهي حَقٌ ثابتٌ ، ويجوزُ أَن " الحق " خبرُ مبتدأ محذوف ، أي : هو ، أي : ما قَصَصْنَا عليك من خبر عيسى وأمه .

و " من ربك " على هذا فيه وجهان :

أحدهما : أنه حال فيتعلق بمحذوف .

والثاني : أنه خبرٌ ثان عندَ مَنْ يُجَوِّزُ ذلك ، وتقدَّم نظيرُ هذه الجملة في البقرة والنهيُّ له عليه السلام عن الامتراءِ ، ولم يكن ممترياً ، [ وهذا ] من الإِلهاب والتهييج على الثبات على ما هو عليه من الحق ، أو لأنَّ المرادَ به غيره .