تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

وأما حاله المستقبلة ، فقال : { وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى } أي : كل حالة متأخرة من أحوالك ، فإن لها الفضل على الحالة السابقة .

فلم يزل صلى الله عليه وسلم يصعد في درج المعالي{[1448]}  ويمكن له الله دينه ، وينصره على أعدائه ، ويسدد له أحواله ، حتى مات ، وقد وصل إلى حال لا يصل{[1449]}  إليها الأولون والآخرون ، من الفضائل والنعم ، وقرة العين ، وسرور القلب .

ثم بعد ذلك ، لا تسأل عن حاله في الآخرة ، من تفاصيل الإكرام ، وأنواع الإنعام .


[1448]:- في ب: درجات.
[1449]:- في ب: ما وصل.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

وما غاض معين فضله وفيض عطائه . فإن لك عنده في الآخرة من الحسنى خيرا مما يعطيك منها في الدنيا : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) . . فهو الخير أولا وأخيرا . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

{ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى } أي : والدار الآخرة خير لك من هذه الدار . ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا ، وأعظمهم لها إطراحًا ، كما هو معلوم [ بالضرورة ]{[30182]} من سيرته . ولما خُيِّرَ ، عليه السلام ، في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة ، وبين الصيرورة إلى الله عز وجل ، اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية .

قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن إبراهيم النَّخعِي ، عن علقمة ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير ، فأثر في جنبه ، فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت : يا رسول الله ، ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما لي وللدنيا ؟ ! ما أنا والدنيا ؟ ! إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظَلّ تحت شجرة ، ثم راح وتركتها{[30183]} .

ورواه الترمذي وابن ماجة ، من حديث المسعودي به{[30184]} وقال الترمذي : حسن صحيح .


[30182]:- (2) زيادة من م.
[30183]:- (3) في أ: "وتركها".
[30184]:- (4) المسند (1/391) وسنن الترمذي برقم (2377) وسنن ابن ماجة برقم (4109).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

وقوله : وَلّلاَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى يقول تعالى ذكره : وللدار الاَخرة ، وما أعدّ الله لك فيها ، خير لك من الدار الدنيا وما فيها يقول : فلا تخزن على ما فاتك منها ، فإن الذي لك عند الله خير لك منها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

روي أن الوحي تأخر عنه أياما لتركه الاستثناء كما مر في سورة الكهف أو لزجره سائلا ملحا أو لأن جروا ميتا كان تحت سريره أو لغيره فقال المشركون إن محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت ردا عليهم وللآخرة خير لك من الأولى فإنها باقية خالصة عن الشوائب وهذه فانية مشوبة بالمضار كأنه لما بين أنه سبحانه وتعالى لا يزال يواصله بالوحي والكرامة في الدنيا وعد له ما هو أعلى وأجل من ذلك في الآخرة أو لنهاية أمرك خير من بدايته فإنه صلى الله عليه وسلم لا يزال يتصاعد في الرفعة والكمال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

عطف على جملة : { والضحى } [ الضحى : 1 ] فهو كلام مبتدأ به ، والجملة معطوفة على الجمل الابتدائية وليست معطوفة على جملة جواب القسم بل هي ابتدائية فلما نُفي القِلى بشّر بأن آخرته خير من أولاه ، وأن عاقبته أحسن من بدأته ، وأن الله خاتم له بأفضل مما قد أعطاه في الدنيا وفي الآخرة .

وما في تعريف « الآخرة » و { الأولى } من التعميم يجعل معنى هذه الجملة في معنى التذييل الشامل لاستمرار الوحي وغير ذلك من الخير .

والآخرة : مؤنث الآخرِ ، و { الأولى } : مؤنث الأوَّل ، وغلب لفظ الآخرة في اصطلاح القرآن على الحياة الآخرة وعلى الدار الآخرة كما غلب لفظ الأولى على حياة الناس التي قبل انخرام هذا العالم ، فيجوز أن يكون المراد هنا من كلا اللفظين كِلا معنييه فيفيد أن الحياة الآخرة خير له من هذه الحياة العاجلة تبشيراً له بالخيرات الأبدية ، ويفيد أن حالاته تجري على الانتقال من حالة إلى أحسن منها ، فيكون تأنيث الوصفين جارياً على حالتي التغليب وحالتي التوصيف ، ويكون التأنيث في هذا المعنى الثاني لمراعاة معنى الحالة .

ويومىء ذلك إلى أن عودة نزول الوحي عليه هذه المرة خير من العودة التي سبقت ، أي تكفل الله بأن لا ينقطع عنه نزول الوحي من بعد .

فاللام في « الآخرة » و { الأولى } لام الجنس ، أي كُلّ آجل أمره هو خير من عاجله في هذه الدنيا وفي الأخرى .

واللام في قوله : { لك } لام الاختصاص ، أي خير مختص بك وهو شامل لكل ما له تعلق بنفس النبي صلى الله عليه وسلم في ذاته وفي دِينه وفي أمته ، فهذا وعد من الله بأن ينشر دين الإِسلام وأن يمكِّن أمته من الخيرات التي يأملها النبي صلى الله عليه وسلم لهم . وقد روى الطبراني والبيهقي في « دلائل النبوءة » عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عُرض عليّ ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني فأنزل الله تعالى : { وللآخرة خير لك من الأولى } "