القول في تأويل قوله تعالى : { وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنّةِ النّعِيمِ * وَاغْفِرْ لأبِيَ إِنّهُ كَانَ مِنَ الضّآلّينَ * وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاّ مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } .
يعني إبراهيم صلوات الله عليه بقوله : وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنّةِ النّعِيمِ أورثني يا ربّ من منازل مَن هلك مِن أعدائك المشركين بك من الجنة ، وأسكني ذلك وَاغْفِرْ لأبِي يقول : واصفح لأبي عن شركه بك ، ولا تعاقبه عليه إنّه كانَ مِنَ الضّالّينَ يقول : إنه كان ممن ضلّ عن سبيل الهدى ، فكفر بك . وقد بيّنا المعنى الذي من أجله استغفر إبراهيم لأبيه صلوات الله عليه ، واختلاف أهل العلم في ذلك ، والصواب عندنا من القول فيه فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . )
ولما فرغ من مطالب الدنيا طلب سعادة الآخرة وهي جنة النعيم ، وشبهها بما يورث ، قال تعالى : { تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا }{[7]}
سأل المغفرة لأبيه قبل سؤال أن لا يخزيه الله يوم القيامة لأنه أراد أن لا يلحقه يومئذ شيء ينكسر منه خاطره وقد اجتهد في العمل المبلّغ لذلك واستعان الله على ذلك وما بقيت له حزازة إلا حزازة كفر أبيه فسأل المغفرة له لأنه إذا جيء بأبيه مع الضالّين لحقه انكسار ولو كان قد استجيب له بقية دعواته ، فكان هذا آخر شيء تخوف منه لحاق مهانة نفسية من جهة أصله لا من جهة ذاته . وفي الحديث أنه يؤتى بأبي إبراهيم يوم القيامة في صورة ذيح ( أي ضبَع ذكر ) فيلقَى في النار فلا يشعر به أهل الموقف فذلك إجابة قوله : { ولا تخزني يوم يبعثون } أي قطعاً لما فيه شائبة الخزي .
وتقدم الكلام على معنى الخزي عند تفسير قوله تعالى : { إلاّ خِزي في الحياة الدنيا } في سورة البقرة ( 85 ) . وقوله : { إنك من تُدخل النار فقد أخزيتَه } في آل عمران ( 192 ) .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يعني إبراهيم صلوات الله عليه بقوله:"وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنّةِ النّعِيمِ": أورثني يا ربّ من منازل مَن هلك مِن أعدائك المشركين بك من الجنة، وأسكني ذلك.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي اجعلني باقيا من بعد موتي في جنة النعيم، إذ الوارث، هو الباقي عن الموروث.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ولما فرغ من مطالب الدنيا طلب سعادة الآخرة وهي جنة النعيم، وشبهها بما يورث، قال تعالى: {تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا}.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
دعاء بالجنة وبمن يرثها، وهو يرد قول بعضهم: لا أسأل جنة ولا نارا.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما طلب سعادة الدنيا، وكانت لا نفع لها إلا باتصالها بسعادة الآخرة التي هي الجنة، وكانت الجنة لا تنال إلا بمنه، لا بشيء من ذلك، ولذلك شبه إدخالها بالإرث الذي يحصل بغير اكتساب من الوارث وهو أقوى أسباب الملك، قال: {واجعلني} أي مع ذلك كله بفضلك ورحمتك {من ورثة جنة النعيم}.
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
واستدل بدعائه عليه السلام بهذا بعدما تقدم من الأدعية على أن العمل الصالح لا يوجب دخول الجنة، وكذا كون العبد ذا منزلة عند الله عز وجل، وإلا لاستغنى عليه السلام بطلب الكمال في العلم والعمل، وكذا بطلب الإلحاق بالصالحين ذوي الزلفى عنده تعالى عن طلب ذلك، وأنت تعلم أنه تحسن الإطالة في مقام الابتهال ولا يستغنى بملزوم عن لازم في المقال فالأولى الاستدلال على ذلك بغير ما ذكر وهو كثير مشتهر، هذا وفي بعض الآثار ما يدل على مزيد فضل هذه الأدعية.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.