تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

قال تعالى مبينا لضعفهم ، وأنهم مهزومون : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } فوقع كما أخبر ، هزم الله جمعهم الأكبر يوم بدر ، وقتل من{[938]}  صناديدهم وكبرائهم ما ذلوا به{[939]}  ونصر الله دينه ونبيه وحزبه المؤمنين .


[938]:- في ب: وقتلت.
[939]:- في ب: فأذلوا.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

وذلك حين يرون جمعهم فتعجبهم قوتهم ، ويغترون بتجمعهم ، فيقولون : إنا منتصرون لا هازم لنا ولا غالب ?

هنا يعلنها عليهم مدوية قاضية حاسمة :

( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) . .

فلا يعصمهم تجمعهم ، ولا تنصرهم قوتهم . والذي يعلنها عليهم هو القهار الجبار . . ولقد كان ذلك . كما لا بد أن يكون !

قال البخاري بإسناده إلى ابن عباس - : إن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال وهو في قبة له يوم بدر : " أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبدا " . فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده ، وقال : حسبك يا رسول الله ألححت على ربك ! فخرج وهو يثب في الدرع ، وهو يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر . . . ) .

وفي رواية لابن أبي حاتم بإسناده إلى عكرمة ، قال : لما نزلت( سيهزم الجمع ويولون الدبر )قال عمر : أي جمع يهزم ? أي أي جمع يغلب ? قال عمر : فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يثب في الدرع ، وهو يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) . فعرفت تأويلها يومئذ !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

وقوله : أمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَميعٌ مُنْتَصِرٌ يقول تعالى ذكره : أيقول هؤلاء الكفار من قريش : نحن جميع منتصر ممن قصدنا بسوء ومكروه ، وأراد حربنا وتفريق جمعنا ، فقال الله جلّ ثناؤه : سيهزم الجمع يعني جمع كفار قريش وَيُوَلّونَ الدّبُرَ يقول : ويولون أدبارهم المؤمنين بالله عن انهزامهم عنه . وقيل : الدبر فوحّد والمراد به الجمع كما يقال ضربنا منهم الرأس : أي ضربنا منهم الرؤوس : إذ كان الواحد يؤدي عن معنى جمعه ، ثم إن الله تعالى ذكره صدّق وعده المؤمنين به فهزم المشركين به من قريش يوم بدر وولوهم الدّبر . كما :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أيوب قال : لا أعلمه إلا عن عكرمة أن عمر قال لما نزلت سَيُهْزَمُ الجَمْعُ جعلت أقول : أيّ جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ويقول : «سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ » .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال : يوم بدر .

قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، قوله : سَيُهْزَمُ الجَمْعُ يعني جمع بدر وَيُوَلّونَ الدّبُرَ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : سَيُهْزَمُ الجَمْعُ . . . الاَية ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر «هُزِمُوا وَوَلّوُا الدّبُرَ » .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال : هذا يوم بدر .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرِمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . كان يثب في الدرع ويقول : «هُزِمَ الجَمْعُ وَوَلّوُا الدّبُرَ » .

حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال : كان ذلك يوم بدر . قال : قالوا نحن جميع منتصر ، قال : فنزلت هذه الاَية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

{ سيهزم الجمع ويولون الدبر } أي الأدبار وإفراده لإرادة الجنس ، أو لأن كل واحد يولي دبره وقد وقع ذلك يوم بدر وهو من دلائل النبوة . وعن عمر رضي الله تعالى عنه " أنه لما نزلت قال : لم أعلم ما هو فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس الدرع ويقول : سيهزم الجمع ، فعلمته " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

فقوله : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } جواب عن قولهم : { نحن جميع منتصر } فلذلك لم تعطف الجملة على التي قبلها . وهذا بشارة لرسوله صلى الله عليه وسلم بذلك وهو يعلم أن الله منجز وعده ولا يَزيد ذلك الكافرين إلا غروراً فلا يعيروه جانب اهتمامهم وأخذ العدة لمقاومته كما قال تعالى في نحو ذلك : { ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً } [ الأنفال : 44 ] .

والتعريف في { الجمع } للعهد ، أي الجمع المعهود من قوله : { نحن جميع منتصر } والمعنى : سيهزم جمعهم . وهذا معنى قول النحاة : اللام عوض عن المضاف إليه .

والهزم : الغلب ، والسين لتقريب المستقبل ، كقوله : { قل للذين كفروا ستغلبون } [ آل عمران : 12 ] . وبني الفعل للمجهول لظهور أن الهازم المسلمون .

و { يولُّون } : يجعلون غيرهم يلي ، فهو يتعدى بالتضعيف إلى مفعولين ، وقد حذف مفعوله الأول هنا للاستغناء عنه إذ الغرض الإِخبار عنهم بأنهم إذا جاء الوغى يفرون ويولُّونكم الأدبار .

و { الدُّبُر } : الظهر ، وهو ما أدبر ، أي كان وراءً ، وعكسه القبل .

والآية : إخبار بالغيب ، فإن المشركين هُزموا يوم بدر ، وولوا الأدبار يومئذٍ ، وولوا الأدبار في جمع آخر وهو جمع الأحزاب في غزوة الخندق ففرُّوا بليل كما مضى في سورة الأحزاب وقد ثبت في « الصحيح » أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج لصف القتال يوم بدر تلا هذه الآية قبل القتال ، إيماء إلى تحقيق وعد الله بعذابهم في الدنيا .

وأفرد الدبر ، والمراد الجمعُ لأنه جنس يصدق بالمتعدد ، أي يولي كل أحد منهم دبره ، وذلك لرعاية الفاصلة ومزاوجة القرائن ، على أن انهزام الجمع انهزامة واحدة ولذلك الجيش جهة تولَ واحدة . وهذا الهزم وقع يوم بدر .

روي عن عكرمة أن عمر بن الخطاب قال : " لما نَزلت { سيهزم الجمع ويولون الدبر } جَعَلْتُ أقول : أيُّ جمع يهزم ؟ فلما كان يومُ بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ، ويقول : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } " اه ، أي لم يتبين له المراد بالجمع الذي سيُهزم ويولِّي الدبر فإنه لم يكن يومئذٍ قتال ولا كان يخطر لهم ببال .