تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (57)

{ وأما الذين آمنوا } بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت وغير ذلك مما أمر الله بالإيمان به { وعملوا الصالحات } القلبية والقولية والبدنية التي جاءت بشرعها المرسلون ، وقصدوا بها رضا رب العالمين { فيوفيهم أجورهم } دل ذلك على أنه يحصل لهم في الدنيا ثواب لأعمالهم من الإكرام والإعزاز والنصر والحياة الطيبة ، وإنما توفية الأجور يوم القيامة ، يجدون ما قدموه من الخيرات محضرا موفرا ، فيعطي منهم كل عامل أجر عمله ويزيدهم من فضله وكرمه { والله لا يحب الظالمين } بل يبغضهم ويحل عليهم سخطه وعذابه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (57)

33

( وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم . والله لا يحب الظالمين ) . .

وتوفية للأجر للذين آمنوا وعملوا الصالحات لا محاباة فيه ولا بخس . . ( والله لا يحب الظالمين ) . . فحاشا أن يظلم وهو لا يحب الظالمين . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (57)

وأما قوله : { وأمّا الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ } فإنه يعني تعالى ذكره : وأما الذين آمنوا بك يا عيسى ، يقول : صدّقوك فأقرّوا بنبوّتك ، وبما جئتهم به من الحقّ من عندي ، ودانوا بالإسلام الذي بعثتك به ، وعملوا بما فرضت من فرائضي على لسانك ، وشرعت من شرائعي ، وسننت من سنني .

كما : حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ } يقول : أدوا فرائضي ، فيوفيهم أجورهم ، يقول : فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملاً لا يبخسون منه شيئا ولا ينقصونه .

وأما قوله : { وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الظّالِمِينَ } فإنه يعني : والله لا يحبّ من ظلم غيره حقا له ، أو وضع شيئا في غير موضعه . فنفى جلّ ثناؤه عن نفسه بذلك أن يظلم عباده ، فيجازي المسيء ممن كفر جزاء المحسنين ممن آمن به ، أو يجازي المحسن ممن آمن به واتبع أمره وانتهى عما نهاه عنه فأطاعه ، جزاء المسيئين ممن كفر به وكذّب رسله وخالف أمره ونهيه ، فقال : إني لا أحبّ الظالمين ، فكيف أظلم خلقي .

وهذا القول من الله تعالى ذكره ، وإن كان خرج مخرج الخبر ، كأنه وعيد منه للكافرين به وبرسله ، ووعد منه للمؤمنين به وبرسله ، لأنه أعلم الفريقين جميعا أنه لا يبخس هذا المؤمن حقه ، ولا يظلم كرامته ، فيضعها فيمن كفر به ، وخالف أمره ونهيه ، فيكون لها بوضعها في غير أهلها ظالما .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (57)

{ وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم } تفسير للحكم وتفصيل له . وقرأ حفص { فيوفيهم } بالياء . { والله لا يحب الظالمين } تقرير لذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (57)

ثم ذكر قسم الإيمان وقرن به الأعمال الصالحات تنبيهاً على درجة الكمال ودعاء إليها ، وقرأ حفص عن عاصم «فيوفيهم » بالياء على الغيبة ، والفعل مسند إلى الله تعالى ، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم «فنوفيهم » بالنون ، وهي نون العظمة ، وتوفية الأجور هي قسم المنازل في الجنة فذلك هو بحسب الأعمال ، وأما نفس دخول الجنة فبرحمة الله وبفضله ، وتقدم نظير قوله { والله لا يحب الظالمين } في قوله قبل { فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } [ آل عمران : 32 ]

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (57)

إنّ انتفاء محبة الله الظالمين يستلزم أنه يحبّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلذلك يعطيهم ثوابهم وافياً .

ومعنى كونهم ظالمين أنهم ظلَموا أنفسهم بكفرهم وظلَمَ النصارى الله بأن نقصوه بإثبات ولد له وظلموا عيسى بأن نسبوه ابناً للَّه تعالى ، وظلمه اليهود بتكذيبهم إياه وأذاهم .

وعذاب الدنيا هو زوال الملك وضرب الذلة والمسكنة والجزية ، والتشريد في الأقطار ، وكونهم يعيشون تبعاً للناس ، وعذاب الآخرة هو جهنم . ومعنى { وما لهم من ناصرين } أنهم لا يجدون ناصراً يدفع عنهم ذلك وإن حاوله لم يظفَر به وأسند { فنوفيهم } إلى نون العظمة تنبيهاً على عظمة مفعول هذا الفاعل ؛ إذ العظيم يعطى عظيماً . والتقدير { فيوفيهم أجورهم في الدنيا والآخرة } بدليل مقابله في ضدّهم من قوله : { فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة } وتوفية الأجور في الدنيا تظهر في أمور كثيرة : منها رضا اللَّهِ عنهم ، وبَركاته معهم ، والحياة الطيبة ، وحسن الذكر . وجملة { والله لا يحب الظالمين } تذييل ، وفيها اكتفاء : أي ويحبّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات .

وقرأ الجمهور : فنوفيهم بالنون وقرأه حفص عن عاصم ، ورويس عن يعقوب ، فيوفيهم بياء الغائب على الالتفات .