نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (57)

ولم يقل : وأما الذين اتبعوك{[17427]} - لئلا يلتبس{[17428]} الحال وإن كان من اتبع النبي الأمي فقد اتبعه في بشارته به والأمر باتباعه ،

بل قال : { وأما الذين آمنوا وعموا الصالحات } لأن هذه ترجمة الذين اتبعوه حق الاتباع .

ولما كان تمام الاعتناء بالأولياء متضمناً لغاية القهر للأعداء أبدى في مظهر العظمة قوله تعظيماً لهم{[17429]} وتحقيراً لأعدائهم :

{ فيوفيهم{[17430]} أجورهم } أي نحبهم{[17431]} من{[17432]} غير أن نبخسهم{[17433]} منها شيئاً ، أو {[17434]}نظلم أحداً{[17435]} من الفريقين في شيء ، فإن الله سبحانه وتعالى متعال عن ذلك { والله } الذي له الكمال كله { لا يحب الظالمين * } من كانوا ، أي لا يفعل{[17436]} معهم فعل المحب ، فهو{[17437]} يحبط أعمالهم لبنائها على غير أساس الإيمان ، فالآية من الاحتباك ، ونظمها على الأصل : فنوفيهم لأنا نحبهم والله يحب المؤمنين ، والذين ظلموا نحبط{[17438]} أعمالهم لأنا لا نحبهم والله لا يحب الظالمين ؛ فتوفية{[17439]} الأجر أولاً ينفيها ثانياً{[17440]} ، وإثبات الكراهة ثانياً{[17441]} يثبت{[17442]} ضدها أولاً ، وحقيقة الحال{[17443]} أنه أثبت للمؤمنين{[17444]} لازم المحبة المراد منها في حق الله سبحانه وتعالى لأنه أسّر{[17445]} ، ولازم المراد من عدمها{[17446]} في الظالمين لأنه أنكأ{[17447]} .


[17427]:من ظ ومد، وفي الأًصل: اتبعوا.
[17428]:في ظ ومد: لئلا يلبس.
[17429]:في ظ: لقولهم.
[17430]:وقع في النسخ كلها: فتوفيهم ـ كذا بصيغة الخطاب فأرجعناها إلى التكلم وفق المفسرات الآتية، وقرأ حفص ورويس عن يعقوب "فيوفيهم" ـ بياء الغيبة، وزاد رويس ضم الهاء وقرأ الباقون بالنون وقد رجحها المفسر، وأما المصاحف المتداولة في بلادنا ففيها "فيوفيهم" بياء الغيبة ـ راجع روح المعاني 1/600 .
[17431]:من ظ ومد، وفي الأًصل: يخبهم ـ كذا.
[17432]:زيد من ظ و مد.
[17433]:من ظ ومد، وفي الأًصل: تبخسهم.
[17434]:من مد، وفي الأصل وظ: تظلم أحد.
[17435]:من مد، وفي الأصل وظ: تظلم أحد.
[17436]:في ظ: لا يغفل.
[17437]:في ظ: وهو.
[17438]:في مد: تحبط.
[17439]:من مد، وفي الأصل وظ: فتوفيه.
[17440]:من ظ ومد، وفي الأصل: فانيا.
[17441]:من ظ ومد، وفي الأصل: فانيا.
[17442]:من ظ ومد، وفي الأصل: تثبت.
[17443]:في ظ: المحال.
[17444]:زيد من ظ ومد، غير أن في ظ: المومنين.
[17445]:من ظ ومد، وفي الأصل: أثر.
[17446]:زيد من ظ ومد.
[17447]:من ظ ومد، وفي الأصل: إنكار.