تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ} (2)

وإنما أنزل الله كتابه ل { أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ } أي : لأجل إخلاص الدين كله لله ، وأن لا يشرك به أحد من خلقه .

{ إِنَّنِي لَكُمْ } أيها الناس { مِنْهُ } أي : من الله ربكم { نَذِيرٍ } لمن تجرأ على المعاصي بعقاب الدنيا والآخرة ، { وَبَشِيرٌ } للمطيعين لله بثواب الدنيا والآخرة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ} (2)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلاّ تَعْبُدُوَاْ إِلاّ اللّهَ إِنّنِي لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } .

يقول تعالى ذكره : ثم فصّلت بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له وتخلعوا الاَلهة والأنداد . ثم قال تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للناس : إنني لكم من عند الله نذير ينذركم عقابه على معاصيه وعبادة الأصنام ، وبشير يبشركم بالجزيل من الثواب على طاعته وإخلاص العبادة والألوهة له .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ} (2)

{ أن لا تعبدوا } { أن } في موضع نصب إما على إضمار فعل وإما على تقدير ب «أن » وإسقاط الخافض ، وقيل على البدل من موضع الآيات ، وهذا معترض ضعيف لأنه موضع للآيات ، وإن نظر موضع الجملة فهو رفع : ويحتمل أن تكون في موضع رفع على تقدير : تفصيله ألا تعبدوا وقيل : على البدل من لفظ الآيات .

وقوله تعالى : { إنني لكم منه نذير وبشير } أي من عقابه وبثوابه : وإذا أطلقت هاتان اللفظتان فالنذارة في المكروه والبشارة في المحبوب وقدم النذير لأن التحذير من النار هو الأهم و { إن } معطوفة على التي قبلها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ} (2)

( أنْ ) تفسيرية لما في معنى { أحكمت آياتُه ثُم فصلت } [ هود : 1 ] من الدلالة على أقوال محكمة ومفصلة فكأنه قيل : أوحي إليك في هذا الكتاب أن لا تعبدوا إلا الله ، فهذه الجملة تفسيرية لما أحكم من الآيات لأن النهي عن عبادة غير الله وإيجاب عبادة الله هو أصل الدين ، وإليه مرجع جميع الصفات التي ثبتت لله تعالى بالدليل ، وهو الذي يتفرع عنه جميع التفاصيل ، ولذلك تكرر الأمر بالتوحيد والاستدلال عليه في القرآن ، وأن أول آية نزلت كان فيها الأمرُ بملابسة اسم الله لأول قراءة القرآن في قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } [ العلق : 1 ] .

والخطاب في { ألاَّ تعبدوا } وضمائر الخطاب التي بعده موجهة إلى الذين لم يؤمنوا وهم كل من يسمع هذا الكلام المأمور بإبلاغه إليهم .

وجملة : { إنني لكم منه نذير وبشير } معترضة بين جملة { ألا تعبدوا إلا الله } [ هود : 1 ] وجملة { وأن استغفروا ربكم } [ هود : 3 ] الآية ، وهو اعتراض للتحذير من مخالفة النهي والتحريض على امتثاله .

ووقوع هذا الاعتراض عقب الجملة الأولى التي هي من الآيات المحكمات إشعارٌ بأن مضمونه من الآيات المحكمات وإن لم تكن الجملة تفسيرية وذلك لأن شأن الاعتراض أن يكون مناسباً لما وقع بعده وناشئاً منه فإن مضمون البشير والنذير هو جامع عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في رسالته فهو بشير لمن آمن وأطاع ، ونذير لمن أعرض وعصى ، وذلك أيضاً جامع للأصول المتعلقة بالرسالة وأحوال الرسل وما أخبروا به من الغيب فاندرج في ذلك العقائد السمعية ، وهذا عين الإحكام .

و ( من ) في قوله : { إنني لكم منه } ابتدائية ، أي أني نذير وبشير لكم جائياً من عند الله .

والجمع بين النذارة والبشارة لمقابلة ما تضمنته الجملة الأولى من طلب ترك عبادة غير الله بطريق النهي وطلب عبادة الله بطريق الاستثناء ، فالنذارة ترجع إلى الجزء الأول ، والبشارة ترجع إلى الجزء الثاني .