تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

{ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } أي : اتصف بذكر الله ، وانصبغ به قلبه ، فأوجب له ذلك العمل بما يرضي الله ، خصوصًا الصلاة ، التي هي ميزان الإيمان ، فهذا معنى الآية الكريمة ، وأما من فسر قوله { تزكى } بمعني أخرج زكاة الفطر ، وذكر اسم ربه فصلى ، أنه صلاة العيد ، فإنه وإن كان داخلًا في اللفظ وبعض جزئياته ، فليس هو المعنى وحده .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

وقوله : وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى فقال بعضهم : معنى ذلك : وحّد الله . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى يقول : وحّد الله سبحانه وتعالى .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وذكر الله ودعاه ورغب إليه .

والصواب من القول في ذلك : أن يقال : وذكر الله فوحّده ، ودعاه ورغب إليه ، لأن كلّ ذلك من ذكر الله ، ولم يخصُصِ الله تعالى من ذكره نوعا دون نوع .

وقوله : فَصَلّى اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : عُنِي به : فصّلى الصلوات الخمس . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَصَلّىيقول : صّلى الصلوات الخمس .

وقال آخرون : عني به : صلاة العيد يوم الفطر .

وقال آخرون : بل عُني به : وذكر اسم ربه فدعا وقالوا : الصلاة ها هنا : الدعاء .

والصواب من القول أن يقال : عُنِي بقوله : فَصَلّى : الصلوات ، وذكر الله فيها بالتحميد والتمجيد والدعاء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

وقوله { وذكر اسم ربه } معناه : وحّده وصلى له الصلوات التي فرضت عليه ، وتنفل أيضاً بما أمكنه من صلاة وبرّ ، وقال أبو سعيد الخدري وابن عمر وابن المسيب : هذه الآية في صبيحة يوم الفطر فتزكى ، أدى زكاة الفطر ، { وذكر اسم ربه } ، هو ذكر الله في طريق المصلى إلى أن يخرج الإمام ، والصلاة هي صلاة العيد ، وقد روي هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم{[11756]} ، وقال قتادة وكثير من المتأولين : { تزكى } : أدى زكاة ماله ، و «صلى » معناه صلى الخمس .


[11756]:أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، ثم يقسم الفطرة قبل أن يغدو إلى المصلى يوم الفطر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

وفعل { ذكر اسم ربه } يجوز أن يكون من الذّكر اللساني الذي هو بكسر الذال فيكون كلمة { اسم ربه } مراداً بها ذكر أسماء الله بالتعظم مثل قول لا إله إلا الله ، وقول الله أكبر ، وسبحان الله ، ونحو ذلك على ما تقدم في قوله : { سبح اسم ربك الأعلى } [ الأعلى : 1 ] .

ويجوز أن يكون من الذُّكر بضم الذال وهو حضور الشيء في النفس الذاكرة والمفكرة فتكون كلمة { اسم } مقحمة لتدل على شأن الله وصفات عظمته فإن أسماء الله أوصاف كمال .

وتفريع { فصلى } على { ذكر اسم ربه } على كلا الوجهين لأن الذكر بمعنييه يبعث الذاكر على تعظيم الله تعالى والتقرب إليه بالصلاة التي هي خضوع وثناء .

وقد رتبت هذه الخصال الثلاث على الآية على ترتيب تولدها . فأصلها : إزالة الخباثة النفسية من عقائد باطلة وحديث النفس بالمضمرات الفاسدة وهو المشار إليه بقوله : { تزكى } ، ثم استحضارُ معرفة الله بصفات كماله وحكمته ليخافه ويرجوه وهو المشار بقوله : { وذكر اسم ربه } ثم الإِقبالُ على طاعته وعبادته وهو المشار إليه بقوله : { فصلى } والصلاةُ تشير إلى العبادة وهي في ذاتها طاعة وامتثال يأتي بعده ما يشرع من الأعمال قال تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللَّه أكبر } [ العنكبوت : 45 ] .