تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞مَثَلُ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ كَٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡأَصَمِّ وَٱلۡبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِۚ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (24)

{ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ } أي : فريق الأشقياء ، وفريق السعداء . { كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ } هؤلاء الأشقياء ، { وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ } مثل السعداء .

{ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا } لا يستوون مثلا ، بل بينهما من الفرق ما لا يأتي عليه الوصف ، { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } الأعمال ، التي تنفعكم ، فتفعلونها ، والأعمال التي تضركم ، فتتركونها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞مَثَلُ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ كَٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡأَصَمِّ وَٱلۡبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِۚ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأعْمَىَ وَالأصَمّ وَالْبَصِيرِ وَالسّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكّرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : مثل فريقي الكفر والإيمان كمثل الأعمى الذي لا يرى بعينه شيئا ، والأصمّ الذي لا يسمع شيئا فكذلك فريق الكفر لا يُبصر الحقّ فيتبعه ويعمل به ، لشغله بكفره بالله وغَلَبة خِذلان الله عليه ، لا يسمع داعي الله إلى الرشاد فيجيبه إلى الهدى فيهتدي به ، فهو مقيم في ضلالته ، يتردّد في حَيرته . والسميع والبصير ، فكذلك فريق الإيمان أبصر حُجج الله ، وأقرّ بما دلت عليه من توحيد الله والبراءة من الاَلهة والأنداد ونبوّة الأنبياء عليهم السلام ، وسمع داعي الله فأجابه وعمل بطاعة الله . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ كالأعْمَى والأصَمّ والبَصِيرِ والسّمِيعِ قال : الأعمى والأصمّ : الكافر ، والبصير والسميع : المؤمن .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ كالأعْمَى والأصَمّ والبَصِيرِ والسّمِيعِ : الفريقان الكافران ، والمؤمنان ، فأما الأعمى والأصمّ فالكافران ، وأما البصير والسميع فهما المؤمنان .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ كالأعْمَى والأصَمّ والبَصِيرِ والسّمِيعِ . . . . الآية ، هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن ، فأما الكافر فصمّ عن الحقّ فلا يسمعه ، وعمي عنه فلا يبصره . وأما المؤمن فسمع الحقّ فانتفع به وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به .

يقول تعالى : هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً يقول : هل يستوي هذان الفريقان على اختلاف حالتيهما في أنفسهما عندكم أيها الناس ؟ فإنهما لا يستويان عندكم ، فكذلك حال الكافر والمؤمن لا يستويان عند الله . أفَلا تَذَكّرُونَ يقول جلّ ثناؤه : أفلا تعتبرون أيها الناس وتتفكرون ، فتعلموا حقيقة اختلاف أمريهما ، فتنزجروا عما أنتم عليه من الضلال إلى الهدى ومن الكفر إلى الإيمان ؟ فالأعمى والأصم والبصير والسميع في اللفظ أربعة ، وفي المعنى اثنان ، ولذلك قيل : هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً وقيل : كالأعمى والأصمّ ، والمعنى : كالأعمى الأصمّ ، وكذلك قيل : والبصير والسميع ، والمعنى : البصير السميع ، كقول القائل : قام الظريف والعاقل ، وهو ينعت بذلك شخصا واحدا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞مَثَلُ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ كَٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡأَصَمِّ وَٱلۡبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِۚ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (24)

{ مثل الفريقين } الكافر والمؤمن . { كالأعمى والأصمّ والبصير والسميع } يجوز أن يراد به تشبيه الكافر بالأعمى لتعاميه عن آيات الله ، وبالأصم لتصامه عن إسماع كلام الله تعالى وتأبيه عن تدبر معانيه ، وتشبيه المؤمن بالسميع والبصير لأن أمره بالضد فيكون كل واحد منهما مشبها باثنين باعتبار وصفين ، أو تشبيه الكافر بالجامع بين العمى والصمم والمؤمن بالجامع بين ضديهما والعاطف لعطف الصفة على الصفة كقوله :

الصّابح فالغانم فالآيب *** . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وهذا من باب اللف والطباق . { هل يستويان } هل يستوي الفريقان . { مثلاً } أي تمثيلا أو صفة أو حالا . { أفلا تذكّرون } بضرب الأمثال والتأمل فيها .