وقوله تعالى : ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ ) أي الصنفين[ من م ، في الأصل : صنفين ] اللذين سبق وصفهما ، وهو قوله ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها )[ الآية : 15 ] فهو وصف الكافر والفريق الآخر قوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ) إلى آخر ما ذكر [ الآية : 17 ] وفيه وصف المؤمن .
أو يكون وصف الكافر ما ذكر ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ ) إلى قوله : ( وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ )[ الآيات : 18-21 ] هو وصف أحد الفريقين ، وهم الكفار .
والفريق الآخر ما ذكر : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ )[ الآية : 23 ] .
هذا ، والله أعلم ، [ وصف ][ ساقطة من الأصل وم ] الفريقين اللذين ضرب مثلهما بالأعمى والبصير والسميع [ والأصم ][ ساقطة من الأصل وم ] . ثم وجه ضرب مثل الكافر بالأعمى والأصم ، والمؤمن بالبصير والسميع .
فهو ، والله أعلم ، أن الكافر أعمى القلب وأصم السمع ، لم يبصر ما غاب عنه من الموعود ، ولا يسمع ما غاب عنه من الموعود ، وإنما أبصر ظواهر الأمر ، وكذلك إنما سمع ظواهر من الأمور وباديها ، لم ينظر إلى الغائب [ من الموعود ، ولا يسمع ذلك ، وهو لم يخلق لمعرفة ذلك الظاهر خاصة ، وإنما خلق لما وعد ][ في م : وعدوا ] في الغائب .
والمؤمن أبصر ذلك الغائب ][ من م ، ساقطة من الأصل ] وسمع ما غاب من الموعود ، فيقول : كما يستوي[ في الأصل وم : يسبق ] عندكم في الظاهر البصير والأعمى والسميع والأصم ، لم يسو[ في الأصل وم : يستو ] من كان عمي القلب بمن[ في الأصل وم : بما ] كان بصير القلب بذلك ، ولم يسو[ في الأصل وم : يستو ] أيضا من به صمم القلب بمن كان سميعا بذلك ( أفلا تذكرون ) أنهما لم يستويا[ في الأصل وم : يستويان ] .
أو يقول : ( أفلا تذكرون ) أي أفلا تتعظون بما نزل من القرآن [ وتنتهون عما تنهون ][ في الأصل وم : وتنهون عما تنتهون ] ؟ والله أعلم .
وفي قوله : ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) وجوه من الأسئلة :
أحدها : أن يقال : كيف احتج عليهم ، [ وهم على ][ في الأصل وم : وهو ] ما ذكر أنهم عميان وصم أو كالعميان والصم ، ولا يكلف الأعمى الإبصار والنظر ولا الأصم السماع ؟
والثاني : [ كيف ][ ساقطة من الأصل وم ] يقولون إنا بصراء وسمعاء ، ليس بنا صمم ولا عمى ، بل أنتم العميان والصم ؟ /238-ب/ .
والثالث : كيف ذكر المثل لهم ، وهم لا يتفكرون ، ولا ينظرون في المثل ولا يلتفتون إليه ؟
أما جواب الأول بأنه احتج عليهم لأنهم تركوا اكتساب بصر الآخرة[ من م ، فالأصل : الآخر ] وسماع سمع الآخرة ، فنفى عنهم السمع و البصر والحياة [ فهو ][ ساقطة من الأصل وم ] لأنه يبصر المخلوق فيكتسب بصرا في الدين وسمعا في أمر الدين وحياة الدين [ فصير بذلك ][ في الأصل : مكتسب ، في م : فيصير بذلك مكتسب ] مكتسبا الحياة الدائمة والبصر الدائم والسمع الدائم ، فيكونون في الآخرة بصراء سمعاء أحياء كقوله : ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )[ الأنفال : 24 ] .
نفى منهم هذه الحواس لأنهم لم ينتفعوا بها لأن هذه الحواس إنما أنشئت لهم ، وخلقت ، لينتفعوا بها وهو المقصود بإنشائها . فإذا تركوا الانتفاع بها [ صارت ][ ساقطة من الأصل وم ] كأنها ليست لهم .
وأما جواب [ الثاني وهو ][ ساقطة من الأصل وم ] ما قالوا : إنا بصراء وسمعاء ، وأنتم العميان والصم ، [ ففيه وجهان :
أحدهما يقال ][ في الأصل وم : فيقال ] لهم إن أهل الإسلام إذا سمعوا ذلك فقد[ الفاء ساقطة من الأصل وم ] اشتغلوا بالتفكر في ما قرع أسماعهم من الآيات والنظر فيها ، وأنتم [ لا ، بل تعاميتم عنها ، وتصاممتم . ودل ][ في الأصل : تعاموا عنها وتصاموا فدل ، في م : لا بل تعاموا عنها وتصاموا فذل ] تفكيرهم ونظرهم فيها على أنهم بصراء وسمعاء وأحياء ، وأنتم يا أهل الكفر العميان والصم والأموات .
والثاني : أن هذه الآيات إنما نزلت في محاجة أهل الكتاب ، وهم قد علموا أن آباءهم لم يكونوا حكماء ولا [ علماء ، ولم ][ في الأصل وم : عالما فلم ] يكونوا ما ذكر بصراء ولا أحياء ولا سمعاء ، فصاروا صما عميانا أمواتا .
ولأن أحد الفريقين لا محالة ما ذكر ، نحن أو هم ، ثم قد استووا في هذه الدنيا وفي العقل والحكمة التفريق بينهما ، دل[ في الأصل وم : فدل ] أنهم بما ذكر أولى .
وأما جواب ذكر المثل لهم على علم منهم أنهم لا يقبلون المثل ، ولا ينظرون [ فيه ، فهو لأنه ][ في الأصل وم : بأنه ] ذكر لأهل الإسلام ولأن ذكر المثل أنهم ربما يبعثهم على النظر فيه والتفكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.