تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا} (10)

{ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُمْ } أي : يشاهد الحميم ، وهو القريب حميمه ، فلا يبقى في قلبه متسع لسؤال حميمه عن حاله ، ولا فيما يتعلق بعشرتهم ومودتهم ، ولا يهمه إلا نفسه ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا} (10)

وقوله : وَلا يَسألُ حَمِيمٌ حَمِيما يُبَصّرُونَهُمْ يقول تعالى ذكره : ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه لشغله بشأن نفسه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : وَلا يَسأَلُ حَمِيمٌ حَمِيما يشغل كلّ إنسان بنفسه عن الناس .

وقوله : يُبَصّرُونَهُمْ اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بالهاء والميم في قوله يُبَصّرُونَهُمْ فقال بعضهم : عُنى بذلك الأقرباء أنهم يعرّفون أقربائهم ، ويعرّف كلّ إنسان قريبه ، فذلك تبصير الله إياهم . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يُبَصّرُونَهُمْ قال : يعرَف بعضهم بعضا ، ويتعارفون بينهم ، ثم يفرّ بعضهم من بعض ، يقول : لكُلّ امْرِىْ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِيِهِ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يُبَصّرُونَهُمْ يعرّفونهم يعلمون ، والله ليعرّفنّ قوم قوما ، وأناس أناسا .

وقال آخرون : بل عُنِي بذلك المؤمنون أنهم يبصرون الكفار . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : يُبَصّرُونَهُمْ المؤمنون يبصرون الكافرين .

وقال آخرون : بل عُنِي بذلك الكفار الذين كانوا أتباعا لاَخرين في الدنيا على الكفر ، أنهم يعرفون المتبوعين في النار . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يُبَصّرونَهُمْ قال : يبصرون الذين أضلوهم في الدنيا في النار .

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة ، قول من قال : معنى ذلك : ولا يسأل حميم حميما عن شأنه ، ولكنهم يبصرونهم فيعرفونهم ، ثم يفرّ بعضهم من بعض ، كما قال جلّ ثناؤه : يَوْمَ يَفِرّ المَرْءُ مِنْ أخِيهِ وأُمّهِ وأبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلّ امْرْىءٍ منهم يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِيهِ .

وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالصواب ، لأن ذلك أشبهها بما دل عليه ظاهر التنزيل ، وذلك أن قوله : يُبَصّرُونَهُمْ تلا قوله : وَلا يَسألُ حَميمٌ حَميما فلأن تكون الهاء والميم من ذكرهم أشبه منها بأن تكون من ذكر غيرهم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : وَلا يَسألُ فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار سوى أبي جعفر القارىء وشَيبة بفتح الياء وقرأه أبو جعفر وشيبة : «وَلا يُسْئَلُ » بضم الياء ، يعني : لا يقال لحميم أين حميمك ؟ ولا يطلب بعضهم من بعض .

والصواب من القراءة عندنا فتح الياء ، بمعنى : لا يسأل الناس بعضهم بعضا عن شأنه ، لصحة معنى ذلك ، ولإجماع الحجة من القرّاء عليه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا} (10)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولا يسأل حميم حميما} يعني قريب قريبا، يقول: لا يسأل الرجل قرابته، ولا يكلمه من شدة الأهوال.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه لشغله بشأن نفسه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقرأ السبعة والحسن والمدنيون وطلحة والناس: «ولا يسأل» على بناء الفعل للفاعل، والحميم في هذا الموضع: القريب والوالي، والمعنى لا يسأله نصرة ولا منفعة لعلمه أنه لا يجدها عنده، قال قتادة: المعنى لا يسأله عن حاله لأنها ظاهرة قد بصر كل أحد حالة الجميع، وشغل بنفسه.

وقرأ ابن كثير من طريق البزي وأبو جعفر وشيبة بخلاف عنهما وأبو حيوة «لا يُسأل» على بناء الفعل للمفعول. فالمعنى: ولا يسأل إحضاره لأن كل مجرم له سيما يعرف بها، وكذلك كل مؤمن له سيما خير. وقيل المعنى: لا يسأل عن ذنبه وأعماله ليؤخذ بها وليزر وزره.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

قد تقطعت الأسباب وتلاشت الأنساب لما كشف الابتلاء عن أنه لا عز إلا بالتقوى...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

إن الناس في هم شاغل، لا يدع لأحد منهم أن يتلفت خارج نفسه، ولا يجد فسحة في شعوره لغيره: (ولا يسأل حميم حميما). فلقد قطع الهول المروع جميع الوشائج، وحبس النفوس على همها لا تتعداه...

.