فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا} (10)

{ ولا يسأل حميم حميما } أي لا يسأل قريب قريبه عن شأنه في ذلك اليوم لما نزل بهم من شدة الأهوال التي أذهلت القريب عن قريبه ، والخليل عن خليله كما قال سبحانه : { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } وقيل المعنى لا يسأل حميم عن حميم لشغله عنه فحذف الحرف ووصل الفعل .

قرأ العامة يسأل مبنيا للفاعل والمفعول الثاني محذوف أي لا يسأله نصره ولا شفاعته لعلمه أن ذلك مفقود ، وقيل لا يسأل شيئا من حمل أوزاره ، وقرئ على البناء للمفعول والمعنى لا يسأل حميم إحضار حميمه ، وقيل هذه القراءة على إسقاط حرف الجر ، أي لا يسأل حميم عن حميم بل كل إنسان يسأل عن نفسه وعن عمله ، وقيل لا يطالب به ولا يؤخذ بذنبه .

وجملة { يبصرونهم } مستأنفة أو صفة لقوله حميما أي يبصر كل حميم حميمه لا يخفى منهم أحد عن أحد ، وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه ولا يتساءلون ولا يكلم بعضهم بعضا لاشتغال كل أحد منهم بنفسه ، وقال ابن زيد يبصر الله الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا ووهم الرؤساء المتبوعون ، وقيل إن قوله :

{ يبصرونهم } يرجع إلى الملائكة أي يعرفون أحوال الناس لا يخفون عليهم ، وإنما جمع الضميرين في يبصرونهم وهما للحميمين حملا على معنى العموم لأنهما نكرتان في سياق النفي ، قاله السمين والزمخشري ، قال الطيبي : وفيه دليل على أن الفاعل والمفعول الواقعين في سياق النفي يعمان كما التزم في قوله والله لا أشرب ماء من إداوة أنه يعم في المياه والأداوي ، خلافا لبعضهم في الاداوة .