تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَكَانَتۡ هَبَآءٗ مُّنۢبَثّٗا} (6)

{ فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا } فأصبحت الأرض ليس عليها جبل ولا معلم ، قاعا صفصفا ، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَكَانَتۡ هَبَآءٗ مُّنۢبَثّٗا} (6)

والمراد بالرج فى قوله - تعالى - بعد ذلك : { إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً . . . } التحريك الشديد ، والاضطراب الواضح . يقال : رج فلان الشىء رجا ، إذا حركه بعنف وزلزلزه بقوة . . .

وقوله { وَبُسَّتِ } من البس بمعنى التفتيت والتكسر الدقيق ، ومنه قولهم : بس فلان السويق ، إذا فتته ولته وهيأه للأكل .

أى : إذا رجت الأرض وزلزت زلزالا شديدا ، وفتتت الجبال تفتيتا حتى صارت كالسويق الملتوت . . . . فكانت تلك الجبال كالهباء المنبث أى : المتفرق الذى يلوح من خلال شعاع الشمس إذا ما دخل من نافذة . .

إذا ما حدث كل ذلك ، وجد كل إنسان جزاءه من خير أو شر ، { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } فجواب الشرط ما ذكرته الآيات بعد ذلك من حسن عاقبة أصحاب الميمنة وسوء عاقبة أصحاب المشأمة .

ومن الآيات الكثيرة ، التى وردت فى معنى هذه الآيات قوله - تعالى - : { يَوْمَ تَرْجُفُ الأرض والجبال وَكَانَتِ الجبال كَثِيباً مَّهِيلاً }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَكَانَتۡ هَبَآءٗ مُّنۢبَثّٗا} (6)

وتفريع { فكانت هباءً منبثاً } على { بُسّت الجبال } لائق بمعنيي البسّ لأن الجبال إذا سيّرت فإنما تُسيّر تسييراً يفتتها ويفرقها ، أي تسييرَ بَعْثَرَة وارتطام .

والهباء : ما يلوح في خيوط شعاع الشمس من دقيق الغبار ، وتقدم عند قوله تعالى : { فجعلناه هباء منثوراً } في سورة الفرقان ( 23 ) .

والمنْبَثُّ : اسم فاعل انبثَّ ، مطاوع بثَّه ، إذا فرّقه . واختير هذا المطاوع لمناسبته مع قوله : و{ بست الجبال } في أن المبني للنائب معناه كالمطاوعة ، وقوله : { فكانت هباءً منبثاً } تشبيه بليغ ، أي فكانت كالهباء المنبث .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَكَانَتۡ هَبَآءٗ مُّنۢبَثّٗا} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فكانت} يقول فصارت بعد القوة والشدة... من الخوف {هباء منبثا} يعني الغبار الذي تراه في الشمس إذا دخل من الكوة في البيت، والمنبث الذي ليس بشيء، والهباء المنثور الذي يسطع من حوافر الخيل من الغبار.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثّا "اختلف أهل التأويل في معنى الهباء؛

فقال بعضهم: هو شعاع الشمس الذي يدخل من الكوّة كهيئة الغبار...

وقال آخرون: هو رهج الدوابّ...

وقال آخرون: هو ما تطاير من شرر النار الذي لا عين له...

وقال آخرون: هو يبيس الشجر الذي تذروه الرياح...

وأما قوله: "مُنْبَثّا" فإنه يعني متفرّقا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

الهباء الذي يكون فوق النار إذا خمدت، لا يكون غيره... وفيه إخبار عن شدة ذلك اليوم وهوله أنه يفعل بالجبال كذا مع صلابتها وطاعتها الله تعالى، فكيف يفعل بكم يا بني آدم مع ضعفكم وكفركم ومعصيتكم؟ والله أعلم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والانبثاث: افتراق الأجزاء الكثيرة في الجهات المختلفة.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

الهباء المنبث هو الرماد.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فكانت} أي بسبب ذلك {هباء} غباراً هو في غاية الانمحاق، وإلى شدة لطافته أشار بصيغة الانفعال فقال: {منبثاً} أي منتشراً متفرقاً بنفسه من غير حاجة إلى هواء يفرقه...