تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ} (81)

{ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي } فليضروني بأدنى شيء من الضرر ، وليكيدوني ، فلا يقدرون .

{ إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } هو المنفرد بنعمة الخلق ، ونعمة الهداية للمصالح الدينية والدنيوية .

ثم خصص منها بعض الضروريات فقال : { وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } فهذا هو وحده المنفرد بذلك ، فيجب أن يفرد بالعبادة والطاعة ، وتترك هذه الأصنام ، التي لا تخلق ، ولا تهدي ، ولا تمرض ، ولا تشفي ، ولا تطعم ولا تسقي ، ولا تميت ، ولا تحيي ، ولا تنفع عابديها ، بكشف الكروب ، ولا مغفرة الذنوب .

فهذا دليل قاطع ، وحجة باهرة ، لا تقدرون أنتم وآباؤكم على معارضتها ، فدل على اشتراككم في الضلال ، وترككم طريق الهدى والرشد . قال الله تعالى : { وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ } الآيات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ} (81)

والمراد بالإحياء فى قوله : { والذي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } إعادة الحياة إلى الميت يوم القيامة أى : ومن صفات رب العالمين الذى أخلص له العبادة ، أنه - سبحانه - الذى بقدرته وحده أن يميتنى عند حضور أجلى ، ثم يعيدنى إلى الحياة مرة أخرى يوم البعث والحساب .

وجاء العطف ب { ثُمَّ } فى قوله { يُحْيِينِ } لاتساع الأمر بين الإماتة فى الدنيا والإحياء فى الآخرة .

ثم ختم إبراهيم هذه الصفات الكريمة بقوله : { والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدين }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ} (81)

قوله : { والذي يميتني ثم يحيين } فلم يأت فيه بما يقتضي الحصر لأنهم لم يكونوا يزعمون أن الأصنام تميت بل عمل الأصنام قاصر على الإعانة أو الإعاقة في أعمال الناس في حياتهم . فأما الموت فهو من فعل الدهر والطبيعة إن كانوا دهريين وإن كانوا يعلمون أن الخلق والإحياء والإماتة ليست من شؤون الأصنام وأنها من فعل الله تعالى كما يعتقد المشركون من العرب فظاهر .

وتكرير اسم المَوصول في المواضع الثلاثة مع أن مقتضى الظاهر أن تعطف الصلتان على الصلة الأولى للاهتمام بصاحب تلك الصلات الثلاث لأنها نعت عظيم لله تعالى فحقيق أن يجعل مستقلاً بدلالته .

وأطلق على رجاء المغفرة لفظ الطمع تواضعاً لله تعالى ومباعدة لنفسه عن هاجس استحقاقه المغفرة وإنما طمع في ذلك لوعد الله بذلك .