نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ} (81)

ولما كان الإنسان مطبوعاً على الاجتهاد في حفظ حياته وبقاء مهجته ، نسب فعل الموت إليه إعظاماً للقدرة فقال : { والذي يميتني } أي حساً وإن اجتهدت في دفع الموت ، ومعنى وإن اجتهدت في دفع الجهل .

ولما كان الإحياء حساً بالروح ومعنى بالهداية عظيماً ، أتى بأداة التراخي لذلك ولطول المكث في البرزخ فقال : { ثم يحيين } للمجازاة في الآخرة كما شفاني من المرض وإن وصلت إلى حد لا أرجى فيه ، ولم يأت هنا بما يدل على الحصر لأنه لا مدعي للإحياء والإماتة إلا ما ذكره سبحانه عن نمرود في سورة البقرة ، وأن إبراهيم عليه السلام أبهته ببيان عجزه في إظهار صورة من مكان من الأمكنة بلا شرط من روح ولا غيرها ، وإذا عجز عن ذلك كان عجزه عن إيجاد صورة أبين ، فكيف إذا انضم إلى ذلك إفادتها روحاً أو سلبها منها ، فعدّ ادعاؤه لذلك - مع القاطع المحسوس الذي أبهته - عدماً ، والله أعلم .